وكذلك إذا فصلت بين (لا) والاسم بحشو لم يحسن إلا أن تعيد الثانية ؛ لأن جعل جواب إذا عندك. أم ذا فمن ذلك قوله تعالى : (لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) [الصافات : ٤٧].
ولا يجوز : لا فيها أحد إلا على ضعف ، فإن تكلمت به لم يكن إلا رفعا ؛ لأن (لا) لا تعمل إذا فصل بينها وبين الاسم رافعة ولا ناصبة ومعنى قولي : رافعة إذا أعملت عمل ليس تقول :لا أحد أفضل منك في قول من جعلها كـ (ليس).
الثالث : وهو ما عمل فيه فعل أو كان في معنى ذلك :
اعلم أن هذا يلزمك فيه تثينة (لا) كما لا تثنى لا في الأفعال ، وذلك قولك : لا مرحبا ولا أهلا ولا كرامة ولا مسرة ولا سقيا ولا رعيا ولا هنيئا ولا مريا ؛ لأن هذه الأسماء كلها عملت فيها أفعال مضمرة فالفعل مقدر بعد (لا) كأنك قلت : لا أكرمك كرامة ولا أسرك مسرة فعلى هذا جميع هذه الأسماء وما لم يجز أن يلي (لا) من الأفعال لم يجز أن يليها ما عمل فيه ذلك الفعل لا يجوز أن تقول : لا ضربا وأنت تريد الأمر ؛ لأنه لا يجوز : لا أضرب إنما تدخل على الدعاء إذا كان لفظه لفظ الخبر وأضربه على ذلك نحو : لا سقيا ولا رعيا كأنك قلت : لا سقاه الله ولا رعاه.
وكذلك إذا ولي (لا) مبتدأ في معنى الدعاء لم تعمل فيه كما لم تعمل فيما بني على الفعل ن ومعناه الدعاء ، وذلك قولهم : لا سلام عليكم.
قال سيبويه : قولهم : لا سواء إنما دخلت هاهنا لأنها عاقبت ما ارتفعت عليه ألا ترى أنك لا تقول : هذان لا سواء فجاز هذا كما جاز : لاها الله ذا حين عاقبت فلم يجز ذكر الواو يعني أن قولهم : لا سواء أصله : هذان لا سواء وهذان مبتدأ ولا سواء خبرهما كما تقول : هذان سواء ثم أدخلت (لا) للنفي وحذفت (هذان) وجعلت (لا) تعاقب (هذان).
وقال أبو العباس : وقول سيبويه : ألا ترى أنك لا تقول : هذان لا سواء أي : لا تكاد تقول ولو قلته جاز.
وقالوا : لا نولك أن تفعل جعلوه معاقبا لقولك لا ينبغي وصار بدلا منه.