ألا رجلا جزاه الله خيرا |
|
يدلّ على محصلة تبيت (١) |
فزعم الخليل : أنه أراد : الفعل وأنه ليس لـ (لا) هاهنا عمل إنما أراد ألا ترونني ، وأما يونس فكان يقول : إنما تمنى ولكنه نوّن مضطرا وكان يقول في قول جرير :
فلا حسبا فخرت به لتيم |
|
ولا جدا إذا ذكر الجدود |
إنما نوّن مضطرا وكذا يقول أبو الحسن الأخفش.
ومن قال : لا رجل ولا أمراة لم يقل في التمني إلا بالنصب وعلى مذهب أبي عثمان يجوز الرفع كما كان قبل دخول الألف.
كان أبو عثمان يقول : اللفظ على ما كان عليه ، وإن كان دخله خلاف معناه ألا ترى أن قولك : غفر الله لزيد معناه الدعاء ولفظه لفظ ضرب فلم يغير لما دخله في المعنى.
وكذلك : حسبك رفع بالابتداء إن كان معناه النهي.
__________________
(١) قال سيبويه : وسألت الخليل عن هذا البيت ، فزعم أنه ليس على التمني ، ولكن بمنزلة قول الرجل : فهلا خيرا من ذاك؟ كأنه قال : ألا تروني رجلا جزاه الله خيرا! قال ابن هشام في المغني : " ومن معاني ألا العرض والتحضيض ، ومعناهما طلب الشيء ؛ ولكن العرض طلب بلين ، والتحضيض طلب بحث ؛ وتختص ألا هذه بالفعلية ، ومنه عند الخليل هذا البيت ، والتقدير عنده : ألا تروني رجلا هذه صفته! فحذف الفعل مدلولا عليه بالمعنى.
وزعم بعضهم : أنه محذوف على شريطة التفسير ، أي : ألا جزى الله رجلا جزاه خيرا. وألا على هذا للتنبيه.
وقال يونس : ألا للتمني ، ونوّن الاسم للضرورة .. وقول الخليل أولى ، لأنه لا ضرورة في إضمار الفعل بخلاف التنوين. وإضمار الخليل أولى من إضمار غيره ، لأنه لم يرد أن يدعو لرجل على هذه الصفة ، وإنما قصد طلبه.
وأما قول ابن الحاجب في تضعيف هذا القول : إنّ" يدلّ" صفة لرجل فيلزم الفصل بينهما بالجملة المفسرة وهي أجنبية ، فمردود بقوله تعالى : "إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ" ثم الفصل بالجملة لازم وإن لم تقدّر مفسرة إذ لا تكون صفة لأنها إنشائية. كلام المغني.
وقدّر العامل غير الخليل ألا أجد رجلا. وقدّره بعضهم ألا هات رجلا. وروي أيضا" ألا رجل" بالرفع والجر ، فالرفع اختاره الجوهري على أنه فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور ، أي : ألا يدل رجل. وقيل : " رجل" : مبتدأ تخصص بالاستفهام والنفي ، وجملة" يدل" خبره. والجر على تقدير ألا دلالة رجل ، فحذف المضاف وبقي لا مضاف إليه على حاله. انظر خزانة الأدب ١ / ٣٢٨.