فيا عجبا حتّى كليب تسّبني |
|
كأنّ أباها نهشل أو مجاشع (١) |
__________________
(١) على أن حتى فيه ابتدائية ، وفائدتها هنا التحقير.
أنشده سيبويه ، وقال : فحتى هنا بمنزلة إذا ، وإنما هي هاهنا كحرف من حروف الابتداء.
وقال الأندلسي في شرح المفصل : يقع بعدها الجملة الفعلية والاسمية. وتسمى حرف ابتداء ، وتفيد معناها الذي هو الغاية ، إما في التحقير ، أو في التعظيم ، كما في بيت الفرزدق :
فوا عجبا حتى كليب تسبني
أي : تعجبوا لسب الناس إياي ، حتى كليب ، كأنه يقول : كل الناس تسبني حتى كليب على حقارتها. ولو خفض هنا كليب لجاز ، ويكون تسبني إما حال من كليب ، أو مستأنف ، وحتى كليب متعلق به.
قال ابن المستوفي بعد أن نقله : قوله أي تعجبوا في تفسير وا عجبا ، غير صحيح لأنه ينادي العجب على ما ذكره العلماء تأدبا لا يأمر أحدا به.
وقوله : ولو خفض كليب هنا لجاز محال ، لان الخفض بعد حتى إما أن يكون بالعطف على المجرور قبلها ، أو يكون بمعنى إلى ، ولا مجرور قبلها فتعطف عليه. وليست بمعنى الغاية إذ ليس ما قبلها مفردا من جنس ما بعدها. فبقي الرفع لا غير. وذكر قسميها في التعظيم والتحقير. ولم يأت إلا بالتحقير.
وقوله : ويكن تسبني ، إما حال من كليب أو مستأنف بالرفع فيهما ، وصوابه : النصب فيهما. ولا أعلم ما أراد بقوله : وحتى كليب متعلق به. اه؟.
أقول : أما فوا عجبا فقد روي أيضا : فيا عجبا بتنوين وبدنه.
أما الأول فيحتمل أن يكون عجبا منادى منكرا ، ويحتمل أن يكون يا حرف تنبيه ، وعجبا مصدر منصوب بفعل محذوف ، ي : تعجبوا عجبا. ويحتمل أن تكون يا حرف نداء ، والمنادى محذوف ، أي : يا قوم ، وعجبا كذلك.
فكلام الأندلسي جار على كل من هذين الوجهين. وأما الثاني فإنه أراد : فيا عجبي ، فقلب ياء المتكلم ألفا ، وهي لغة.
وأما قوله : خفض كليب محال ... إلخ ، فنقول : هي جارة ، والمغيا غير مذكور ، والتقدير : فوا عجبا الناس تسبني حتى كليب. وهذا المذكور لا بد منه في الابتدائية أيضا.
وقوله : ولم يأت إلا بالتحقير نقول : لا يضر ذلك. ومثال التعظيم :؟ حتى ماء دجلة أشكل البيت الآتي وقوله : صوابه النصب فيهما يعني أنه يجب أن يقول : ويكون يسبني إما حالا من كليب ، أو مستأنفا بنصبهما ، لأنه خبر كان ، وكأنه رفع على تقدير يكون ، إما تامة أو زائدة.