فإذا قلت : مررت بالقوم حتى زيد ، فإن أردت العطف فينبغي أن تعيد الياء لتفرق بين ما أنجر بالباء وبين ما أنجر (بحتى).
الضرب الثاني : المجرور بحتى : وهو ما انتهى الأمر عنده وهذا الضرب لا يجوز فيه إلا الجر ؛ لأن معنى العطف قد زال ، وذلك قولك : إن فلانا ليصوم الأيام حتى يوم الفطر فأنتهت (حتى) بصوم الأيام إلى يوم الفطر ولا يجوز أن تنصب (يوم الفطر) ؛ لأنه لم يصمه فلا يعمل الفعل فيما لم يفعله وكذلك إذا خالف الاسم الذي بعدها ما قبلها نحو قولك : قام القوم اليوم حتى الليل فالتأويل : قام القوم اليوم حتى الليل.
واعلم أنك إذا قلت : سرت حتى أدخلها فحتى على حالها في عمل الجر ، وإن كان لم يظهر هنا (وإن وصلتها) اسم ، وقال سيبويه : إذا قلت : سرت حتى أدخلها فالناصب للفعل هاهنا هو الجار للإسم إذا كان غاية.
__________________
وقوله : لا أعلم ما أراد بقوله : وحتى كليب متعلق به أقول : إنه يريد أن حتى الجارة تكون متعلقة بيسبني ، إذ كل جار لا بد له من متعلق. وهذا ظاهر.
قال ابن هشام في المغني : ولا بد من تقدير محذوف قبل حتى من هذا البيت ، بكون ما بعد حتى غاية له ، أي : فوا عجبا يسبني الناس حتى كليب يسبني.
والبيت من قصيدة للفرزدق هجا بها جريرا ، تقدم بعض منها في الشاهد السادس بعد السبعمائة.
وقوله : فوا عجبا هو من قبيل الندية للتوجع ، كأنه يقول : أنا أتوجع لعدم حضورك يا عجبي ، فاحضر لهذا الأمر الذي يتعجب منه.
وكليب : جد رهط جرير ، وهو جرير بن عطية بن الخطفى بن بدر بن سلمة بن كليب بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم. ويجتمع مع الفرزدق في حنظلة بن مالك.
ونهشل ومجاشع أخوان ، ابنا دارم بن مالك بن حنظلة. ومجاشع قبيلة الفرزدق ، وهي أشرف من كليب.
وأما نهشل فهم أعمام الفرزدق لا آباؤه ، وإن كانت العرب تسمي العم أبا. جعلهم في الصفة بحيث لا يسبون مثله لشرفه.
يقول : يا عجبا لسب الناس إياي حتى كليب على ضعفها في القبائل ، وبعدها من الفضائل ، كأنه لها أبا كريما ، وحسبا صميما ، كما لنهشل ومجاشع. والسّبّ : الشتم. والسّبّ ، بالكسر : الذي يسابك وتسابه. انظر خزانة الأدب ٣ / ٤١٣.