قال سيبويه : فلا يكون في المقسم به هاهنا إلا الجر ؛ لأن قولهم (ها) صار عوضا من اللفظ بالواو فحذفت تخفيفا على اللسان ألا ترى أن الواو لا تظهر هاهنا.
ويقولون : أي ها الله للأمر هذا فحذف الأمر لكثرة استعمالهم وقدم (ها) كما قدم قوم : ها هو ذا وها أنذا قال زهير :
تعلمن ها لعمر الله ذا قسما |
|
فاقصد بذرعك وانظر أين تنسلك (١) |
ومن ذلك ألف الاستفهام قالوا : الله ليفعلن فالألف عوض من الواو ألا ترى أنك لا تقول : او الله.
وقال سيبويه : ومن ذلك ألف اللام ، وذلك قولهم : أفالله لتفعلن : وقال : ألا ترى أنك إن قلت : أفو الله لم تثبت هذا قول سيبويه وللمحتج لسيبويه أن يقول : إن الألف كما جعلت عوضا قطعت وهي لا تقطع مع الواو.
الثاني : ما يعرض في القسم وهو حذف حرف الجر بغير تعويض : اعلم أن هذا يجيء على ضربين : فربما حذفوا حرف الجر وأعملوا الفعل في المقسم فنصبوه.
وربما حذفوا حرف الجر وأعملوا الحرف في الاسم مضمرا.
فالضرب الأول قولك : الله لأفعلنّ وقال ذو الرمة :
ألا ربّ من قلبي له الله ناصح |
|
ومن قلبه لي في الظّباء السّوانح |
__________________
(١) قال الأعلم : الشاهد فيه تقديم ها التي للتنبيه على ذا ، وقد حال بينهما بقوله : لعمر الله ، والمعنى :
تعلمن لعمر الله هذا ما أقسم به. ونصب قسما على المصدر المؤكد ما قبله ، لأن معناه أقسم ، فكأنه قال : أقسم لعمر الله قسما. ومعنى تعلمن اعلم ، ولا يستعمل إلا في الأمر.
وقوله : فاقصد بذرعك ، أي : اقصد في أمرك ، ولا تتعد طورك. ومعنى تنسلك : تندخل.
يقول : هذا للحارث بن ورقاء الصيداوي ، وكان قد أغار على قومه ، وأخذ إبلا وعبدا ، فتوعده بالهجاء إن لم يرد عليه ما أخذ منه. انظر خزانة الأدب ٣ / ٤٦١.