رأيت رجلا أشبه وجه له بقفا من زيد ، فإن حذفت له قلت : ما رأيت رجلا أشبه بقفا من زيد ؛ لأن في (أشبه) ضمير رجل.
وأما قولهم : ما من أيام أحبّ إلى الله فيها الصوم منه في عشر ذي الحجة ولكنه لما قال : في الأول (إلى الله) لم يحتج إلى أن يذكر (إليه) ؛ لأن الرد إلى واحد وليس كقولك : زيد أحب إلى عمرو منه إلى خالد لأنك رددت إلى اثنين فلا تحتاج إلى أن تقول : زيد عندي أحسن من عمرو عندي ؛ لأن الخبر يرجع إلى واحد فأما قولهم : ما من أيام أحب إلى الله فيها الصوم منه في عشر ذي الحجة فإنما هو بمنزلة : ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد فقوله : فيها بمنزلة قوله : في عينه وإنما أضمرت الهاء في (فيها) وفي عينه لأنك ذكرت الأيام وذكرت رجلا.
وكذلك قلت : (الله عز وجلّ ؛ ما رأيت أياما أحب إليه فيها الصوم) لأضمرته في (إليه) ومنه للصوم كما كان للكحل ، وأما قوله : إلى الله فتبيين لأحب وأحسن لا يحتاج إلى ذلك ألا ترى أنك تقول : زيد أحسن من عمرو فلا تحتاج إلى شيء وتقول : زيد أحب إلى عمرو منك فقولك : إلى عمرو كقولك إلى الله في المسألة الأولى ولو قلت : ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل عند عمرو منه في عين أخيك كان بمنزلة ذلك ؛ لأن قولك عند عمرو قد صار مختصرا كقولك إلى الله في تلك المسألة ، وأما قولهم : ما رأيت رجلا أبغض إليه الشرّ من زيد وما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل من زيد فإنما هو مختصر من الأول والمعنى : إنما هو الأول لا أنك فضلت الكحل على زيد ولكنك أخبرت أن الكحل في عين زيد أحسن منه في غيرها كما أردت في الأول ولكنك حذفت لقلة التباسه وليست (من) هاهنا بمنزلتها في قولك : ما رأيت رجلا أحسن من زيد لأنك هنا تخبر أنك لم تر من يتقدم زيدا وأنت في الأول تخبر أنك لم تر من يعمل الكحل في عينه عمله في عين زيد فتقديره : ما رأيت رجلا أحسن كحلا في عين من زيد لما أضمرت رجلا في (أحسن) نصبت كحلا على التمييز ليصح معنى الاختصار.