الرابع وهو بدل الغلط والنسيان : وهو البدل الذي لا يقع في قرآن ولا شعر ، وذلك نحو قولهم : مررت برجل حمار كأنه أراد أن يقول : مررت بحمار فغلط فقال : برجل أو بشيء.
واعلم أن الفعل قد يبدل من الفعل وليس شيء من الفعل يتبع الثاني الأول في الإعراب إلا البدل والعطف والبدل نحو قول الشاعر :
إنّ على الله أن تبايعا |
|
تؤخذ كرها أو تجيء طائعا (١) |
وإنما يبدل الفعل من الفعل إذا كان ضربا منه نحو هذا البيت.
__________________
(١) على أن الفعل قد يبدل من الفعل ، إذا كان الثاني راجح البيان على الأول كما في البيت. فتؤخذ بدل من تبايع ، وتجيء : معطوف على تؤخذ. وهذا البدل أبين من المبدل منه ، والبدل في الحقيقة ، إنما هو مجموع المعطوف والمعطوف عليه ، إذ لا تكون المبايعة إلا على أحد الوجهين من إكراه أو طاعة. وهو كقولهم : الرمان حلو حامض ، وإن كان يقال باعتبار اللفظ إن تجيء معطوف على تؤخذ ، كما يقال في مثل ذلك من الخبر والحال.
والآية قبل البيت من بدل الكل ، قال الخليل : لأن مضاعفة العذاب هي لقي الأثام. والظاهر أن بدل الفعل من الفعل عند الشارح المحقق إنما يكون في بدل الكل ، وهو مذهب السيرافي ، قال : لا يبدل الفعل إلا من شيء هو في معناه لأنه لا يتبعض ولا يكون فيه اشتمال ، فتؤخذ كرها أو تجيء طائعا هو معنى المبايعة ، لأنها تقع على أحدهما.
وقد يظهر من كلام سيبويه في باب ما يرتفع بين الجزمين.
وقد جوز المتأخرون الأبدال الأربعة في الفعل ، منهم الشاطبي في شرح الألفية قال : يتصور في بدل الفعل من الفعل ، ما تصور في بدل الاسم من الاسم فقد يكون فيه بدل الكل من الكل ، ومنه قوله : الطويل
متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا
وقد يكون فيه بدل البعض كقولك : إن تصل تسجد لله يرحمك. وبدل الاشتمال أيضا ، ومنه قوله :
إنّ على الله أن تبايعا ... البيت
لأن الأخذ كرها ، والمجيء طوعا من صفات المبايعة. وظاهر كلام سيبويه يقتضي أنه أنشده شاهدا على بدل الاشتمال.
انظر خزانة الأدب ٢ / ١٧٩.