العاشر (حتى) : تقول ضربت القوم حتّى زيدا وقد ذكرتها كيف تكون عاطفة فيما تقدم حين ذكرناها مع حروف الخفض وأفردنا لها بابا واعلم أن قوما يدخلون ليس في حروف العطف ويجعلونها كلا وهذا شاذ في كلامهم وقد حكى سيبويه أن قوما يجعلونها (كما) فيقولون : ليس الطيب إلا المسك.
واعلم أن حروف العطف لا يدخل بعضها على بعض ، فإن وجدت ذلك في كلام فقد أخرج أحدهما من حروف النسق.
__________________
قال ابن هشام في المغني : لا تدخل أم المنقطعة على مفرد ، ولهذا قدروا المبتدأ في : إنها لإبل أم شاء. وخرق ابن مالك في بعض كتبه إجماع النحويين ، فقال : لا حاجة لتقدير مبتدأ.
وزعم أنها تعطف المفردات كبل ، وقدرها ببل دون همزة. واستدل بقول بعضهم : إن هناك لإبلا أم شاء بالنصب. فإن صحت روايته فالأولى أن يقدر لشاء ناصب ، أي : أم أرى شاء. انتهى.
وممن ذهب إلى أن أم عاطفة ابن يعيش ، ثم اضطرب كلامه في نحو : أم هل ، وفي : أم كيف. فتارة ادعى تجريد أم عن الإستفهام ، وتارة ادعى التجريد عن هل.
قال في فصل حرفي الإستفهام : من المحال اجتماع حرفين بمعنى واحد. فإن قيل : فقد تدخل على هل أم ، وهي استفهام ، نحو : أم هل كبير بكى ... البيت؟ فالجواب أن أم فيها معنيان : أحدهما : الاستفهام.
والآخر : العطف ، فلما احتيج إلى معنى العطف فيها مع هل خلع منها دلالة الاستفهام ، وبقي العطف بمعنى بل للترك ، ولذلك قال سيبويه : إن أم تجيء بمعنى لا بل ، للتحويل من شيء إلى شيء. وليس كذلك الهمزة ، لأنها ليس فيها إلا دلالة واحدة. انتهى كلامه.
وقوله : من المحال اجتماع حرفين بمعنى واحد هو في هذا تابع لابن جني ، وقد ذكرنا في الشاهد السادس بعد التسعمائة : أنه لا مانع من اجتماعهما للتأكيد ، كقوله :
ولا للما بهم أبدا دواء
والعطف هنا على قوله من عطف الجمل ، وليس لها تشريك في غير الوجود.
وقال ابن يعيش أيضا في فصل الحكاية : وأما ما حكاه أبو علي من قولهم : ضرب من منا ، فهي حكاية نادرة.
ووجهها أنها جردت من الدلالة على استفهام حتى صارت اسما كسائر الأسماء ، يجوز إعرابها وتثنيتها وجمعها ، كما جردوا أيا من الاستفهام حيث وصفوا بها ، فقالوا : مررت برجل أي رجل. وقد فعلوا ذلك في مواضع. انظر خزانة الأدب ٤ / ١٨٠.