وكان الأصل خمسة وعشرة فحذفت الواو وبني أحدهما مع الآخر اختصارا وجعلا كاسم واحد وكذلك حادي عشر وثالث عشر إلى تاسع عشر والعرب تدع خمسة عشر في الإضافة والألف واللام على حالها ومنهم من يقول : خمسة عشرك وهي رديئة ومن ذلك : حيص بيص بنيا على الفتح وهي تقال عند اختلاط الأمر وذهب شغر بغر وأيادي سبأ ومعناه الإفتراق وقالى قلا بمنزلة خمسة عشر ولكنهم كرهوا الفتح في الياء والألف لا يمكن تحريكها.
ومن ذلك : خاز باز وهو ذباب عند بعضهم وعند بعضهم داء ومنهم من يكسر فيقول خاز باز وبعض يقول : الخاز باز كحضر موت ومنهم من يقول : خاز باز فيضيف وينون ومن ذلك قولهم : بيت بيت وبين بين ومنهم من يبني هذا ومنهم من يضيف ويبني صباح مساء ويوم يوم ومنهم من يضيف جميع هذا ومن ذلك لقيته كفة كفة وكفة كفة.
واعلم أنهم لا يجعلون شيئا من هذه الأسماء بمنزلة اسم واحد إلا إذا أرادا الحال والظرف والأصل والقياس الإضافة فإذا سميت بشيء من ذا أضفته فإذا قلت : أنت تأتينا في كل صباح ومساء أضفت لا غير ؛ لأنه قد زال الظرف وصار اسما خالصا فمعنى قولهم : هو جاري بيت بيت أي ملاصقا ووقع بين بين أي وسطا ، وأما قالى قلا فبمنزلة : حضر موت ؛ لأنه اسم بلد وليس بظرف ولا حال.
وأسماء الزمان إذا أضيفت إلى اسم مبني جاز أن تعربها وجاز أن تبنيها وذاك نحو : (يومئذ) تقول : سير عليه يومئذ ويومئذ والتنوين هاهنا مقتطع ليعلم أنه ليس يراد به الإضافة والكسر في الذال من أجل سكون النون فتقرأ على هذا إن شئت : (مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ) و (مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ)(١) [المعارج : ١١] ومذهب أبي العباس رحمه الله في دخول التنوين هنا أنه عوض من حذف المضاف إليه.
__________________
(١) اختلفوا في فتح الميم وكسرها من قوله : (يَوْمِئِذٍ) في ثلاثة مواضع : في هود والنمل وسأل سائل.
فقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن عامر (وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ) و (مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ) وو هم من فزع يومئذ مضافا ثلاثهن بكسر الميم.