النحو وجمعته جمعا يحضره وفصلته تفصيلا يظهره ورتبت أنواعه وصنوفه على مراتبها بأخصر ما أمكن من القول وأبينه ليسبق إلى القلوب فهمه ويسهل على متعلميه حفظه.
واعلم أنه ربما شذ الشيء عن بابه فينبغي أن تعلم : أن القياس إذا اطرد في جميع الباب لم يعن بالحرف الذي يشذ منه فلا يطرد في نظائره وهذا يستعمل في كثير من العلوم ولو اعترض بالشاذ على القياس المطرد لبطل أكثر الصناعات والعلوم فمتى وجدت حرفا مخالفا لا شك في خلافه لهذه الأصول فاعلم أنه شاذ ، فإن كان سمع ممن ترضى عربيته فلا بد من أن يكون قد حاول به مذهبا ونحا نحوا من الوجوه أو استهواه أمر غلطه.
والشاذ على ثلاثة أضرب : منه ما شذ عن بابه وقياسه ولم يشذ في استعمال العرب له نحو : استحوذ (١) ، فإن بابه وقياسه أن يعل فيقال : استحاذ مثل استقام واستعاذ وجميع ما كان على هذا المثال ولكنه جاء على الأصل واستعملته العرب كذلك ومنه ما شذ عن الاستعمال ولم يشذ عن القياس نحو ماضي يدع ، فإن قياسه وبابه أن يقال : ودع يدع إذ لا يكون فعل مستقبل إلا له ماض ولكنهم لم يستعملوا ودع استغنى عنه (بترك) فصار قول القائل الذي قال : ودعه شاذا وهذه أشياء تحفظ ومنه ما شذ عن القياس والإستعمال فهذا الذي يطرح ولا يعرج عليه نحو ما حكى من إدخال الألف واللام على اليّجدع وأنا أتبع هذا الذي ذكرت من عوامل الأسماء والأفعال والحروف بالأسماء المفعول فيها فنبدأ بالمرفوعات ثم نردفها المنصوبات ثم المخفوضات فإذا فرغنا من الأسماء وتوابعها وما يعرض فيها ذكرنا الأفعال وإعرابها وعلى الله تعالى نتوكل وبه نستعين.
__________________
(١) المصدر الموازن : ل" إفعال" نحو" إقوام" و" استفعال" نحو" استقوام" فإنّه" يحمل على فعله في الإعلال فتنقل حركة عينه إلى فائه ثمّ تقلب ألفا لتجانس الفتحة فيلتقي ألفان ، ويجب بعد القلب حذف إحدى الألفين لالتقاء السّاكنين. والصحيح أنّ المحذوف الألف الثّانية ، لزيادتها وقربها من الطّرف ، ثمّ يؤتى بالتاء عوضا من الألف المحذوفة فيقال" إقامة" واستقامة" وقد تحذف التاء فيقتصر فيه على ما سمع كقول بعضهم" أجابه إجابا" و" أراه إراء" ويكثر ذلك مع الإضافة نحو : (وَأَقامَ الصَّلاةَ.)
وجاء تصحيح" إفعال" و" استفعال" وفروعها في الألف نحو : " أعول إعوالا" و" أغيمت السماء إغياما" و" استحوذ استحواذا" و" استغيل الصبيّ استيغالا" وهذا كلّه شاذ. انظر معجم القواعد العربية ٦ / ٥٦.