ولو قلت : ما رجل في الدار لجاز أن يكون فيها رجلان وأكثر ، وإذا قلت : ما من في الدار لم يجز أن يكون فيها أحد البتة.
وقال الأخفش : إن شئت قلت وهو رديء : ما ذاهبا إلا أخوك وما ذاهبا إلا جاريتك تريد : ما أحد ذاهبا وهذا رديء لا يحذف (أحد) وما أشبهه حتى يكون معه كلام نحو : ما منهما مات حتى رأيته يفعل كذا وكذا و (مات) في موضع نصب على مفعول (ما) في لغة أهل الحجاز.
وفي كتاب الله تعالى : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ) [النساء : ١٥٩] والمعنى : ما من أهل الكتاب أحد (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) [مريم : ٧١] أي : وإن أحد منكم ومعنى :
(إن) معنى : (ما) فقد بان أن في (ما) ثلاث لغات : ما زيد قائما وما زيد بقائم وما زيد قائم والقرآن جاء بالنصب وبالباء ومما شبه من الحروف ب (ليس) (لات) شبهها بها أهل الحجاز ، وذلك مع الحين خاصة قال الله تعالى : (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) [ص : ٣].
قال سيبويه : تضمر فيها مرفوعا قال : نظير (لات) في أنه لا يكون إلا مضمرا فيها (ليس) و (لا يكون) في الاستثناء إذا قلت : أتوني ليس زيدا ولا يكون بشرا قال : وليست لات كـ (ليس) في المخاطبة والإخبار عن غائب تقول : لست وليسوا وعبد الله ليس منطلقا ولا تقول : عبد الله لات منطلقا ولا قومك لاتوا منطلقين.
قال : وزعموا : أن بعضهم قرأ : (ولات حين مناص) وهو عيسى بن عمر وهي قليلة كما قال بعضهم في قول سعيد بن مالك :
من صدّ عن نيرانها |
|
فأنا ابن قيس لا براح |
فجعلها بمنزلة (ليس) قال : و (لات) بمنزلة (لا) في هذا الموضع في الرفع ولا يجاوز بها الحين يعني : إذا رفعت ما بعدها تشبيها (بليس) فلم يجاوز بها الحين أيضا وأنها لا تعمل إلا في (الحين) رفعت أو نصبت وقال الأخفش الصغير أبو الحسن سعيد بن مسعدة : إنها لا تعمل في القياس شيئا.