قال أبو بكر : والذي قال سيبويه : أنه يضمر في (لات (١)) إن كان يريد أن يضمر فيها كما يضمر في الأفعال فلا يجوز لأنها حرف من الحروف والحروف لا يضمر فيها ، وإن كان يريد أنه حذف الاسم بعدها وأضمره المتكلم كما فعل في قوله في (ما) ما منهما مات أراد (أحدا) فحذف وهو يريده فجائز.
وقوم يدخلون في باب (كان) عودة الفعل كقولك : لأن ضربته لتضربنه السيد الشريف وقولك : عهدي بزيد قائما وهذا يذكر مع المحذوف والمحذوفات ومما شبه ايضا بالفاعل في اللفظ أخبار الحروف التي تدخل على المبتدأ وخبره فتنصب الاسم وترفع الخبر وهي إن وأخواتها وسنذكرها مع ما ينصب وهذه الحروف أعني (إن واخواتها) خولف بين عملها وبين عمل الفعل بأن قدم فيها المنصوب على المرفوع.
وإنما أعملوا (ما) على (ليس) ؛ لأن معناها معنى ليس لأنها نفي كما أنها نفى ومع ذلك فليس كل العرب يعملها عمل (ليس) إنما روي ذلك عن أهل الحجاز وكان حق (ما) أن لا تعمل شيئا إذ كانت تدخل على الأسماء والأفعال ورأيناهم إنما أعملوا من الحروف في الأسماء ما لا يدخل على الأفعال وأعملوا منها في الأفعال ما لا يدخل على الأسماء.
فأما ما يدخل على الأسماء والأفعال منها فألغوه من العمل وقد بين هذا فيما مضى وإذ قد ذكرنا ما يرتفع من الأسماء فكان ما يرتفع منها بأنه مبتدأ وخبر ومبتدأ معنيان فقط لا يتشعب منهما فنون كما عرض في الفعل أن منه متصرفا أو غير متصرف ومنه أسماء شبهت بالفعل وقد ذكرنا الفعل المتصرف فلنذكر الفعل الذي هو غير متصرف ثم نتبعه بالأسماء إن شاء الله.
__________________
(١) هذه هي أحد أقسام اسم ما حمل على ليس وهي أربعة لات في لغة الجمع ولا تعمل إلا في الحين بكثرة أو السّاعة أو الأوان بقلة ولا يجمع بين جزءيها والأكثر كون المحذوف اسمها نحو (ولات حين مناص) وما ولا النّافيتان في لغة الحجاز ، وإن النّافية في لغة أهل العالية وشرط إعمالهنّ نفي الخبر وتأخيره وأن لا يليهنّ معموله وليس ظرفا ولا مجرورا وتنكير معمولي لا وأن لا يقترن اسم ما بإن الزّائدة نحو (ما هذا بشرا) و (ولا وزر ممّا قضى الله واقيا ...) ، وإن ذلك نافعك ولا ضارّك. انظر شرح شذور الذهب ١ / ٢٥١.