دوّن شعره أبو بكر محمد بن عبد الله الحمدوني ، ثمّ ألحق به زيادات أخذها من أبي الفرج بن كشاجم.
وشعره كما تطفح عنه شواهد تضلّعه في اللغة والحديث ، وبراعته في فنون الأدب والكتاب والقريض ، كذلك يقيم له وزناً في الغرائز الكريمة النفسيّة ، ويمثِّله بملكاته الفاضلة كقوله :
شهرت نداي مناصبٌ |
|
لي في ذرى كِسرى صريحهْ |
وسجيّةٌ لي في المكا |
|
رمِ إنّني فيها شحيحهْ |
متحيِّزاً فيها مُعلّى المج |
|
دِ مجتنباً منيحهْ |
ولقد سننتُ من الكتا |
|
بة للورى طُرُقاً فسيحهْ |
وفضضتُ من عُذَرِ المعا |
|
ني الغُرِّ في اللغة الفصيحهْ |
وشفعتُ مأثورَ الروا |
|
يةِ بالبديعِ من القريحهْ |
ووصلتُ ذاك بهمّةٍ |
|
في المجدِ سائبةٍ طموحهْ |
وعزيمةٍ لا بالكليل |
|
ةِ في الخطوب ولا الطليحهْ (١) |
كلتاهما لي صاحبٌ |
|
في كلِّ داميةٍ جموحهْ |
ويحكي القارئ عن نبوغه وسرده المعاني الفخمة في أسلاك نظمه ، ورقّة لطائفه ، وقوّة أنظاره ، ودقّة فكرته ، ومتانة رويّته ، قوله :
لو بحقٍّ تناولَ النجمَ خلقٌ |
|
نلتُ أعلى النجومِ باستحقاقِ |
أوَليس اللسانُ منّيَ أمضى |
|
من ظُباتِ المهنّداتِ الرقاقِ |
ويدي تحمل الأناملُ منها |
|
قلماً ليس دمعُهُ بالراقي (٢) |
__________________
(١) الطليحة : المتعبة المعياة.
(٢) يقال : رقأ الدمع أي جفّ وانقطع.