خطباء الطير في الشعر هي : الفواخت والقماري والرواشن والعنادل وما أشبهها.
قال الثعالبي : أظنُّ أوّل من اخترع هذه الاستعارة المليحة أبو العلاء السروي في قوله المذكور. وذكر له صاحب محاسن أصبهان (ص ٥٢) في الوصف قوله :
أَوَما ترى البستانَ كيف تجاوبتْ |
|
أطيارُهُ وزها لنا ريحانُهُ |
وتضاحكت أنوارُهُ وتسلسلتْ |
|
أنهارُهُ وتعارضتْ أغصانُهُ |
وكأنّما يفترُّ غبَّ القطرِ عن |
|
حُلَلٍ نشرنَ رياضهُ وجنانهُ |
وذكر له (ص ٥٦) قوله :
كأنّ حمامَ الروضِ نشوانُ كلّما |
|
ترنّمَ في أغصانِه وترحّجا |
فلاذ نسيمُ الجوِّ من طولِ سيرِهِ |
|
حسيراً بأطرافِ الغصونِ مطلّجا |
وللصاحب بن عبّاد أبيات كتبها إلى المترجَم له ، ذكرها المافرّوخي في محاسن أصبهان (ص ١٤) وهي :
أبا العلاءِ ألا أبشرْ بمقدمِنا |
|
فقد وردنا على المهريّةِ القودِ |
هذا وكان بعيداً أن أراجعَكمْ |
|
على التعاقبِ بين البيضِ والسودِ |
من بعد ما قرُبتْ بغدادُ تطلبُني |
|
واستنجزْتنيَ بالأهوازِ موعودي |
وراسلتني بأن بادِرْ لتملكَني |
|
ويجريَ الماءُ ماءُ الجود في العودِ |
فقلتُ لا بدّ من جَيٍّ (١) وساكِنِها |
|
ولو رددت شبابي خير مردودِ |
فإنّ فيها أودّائي ومعتمدي |
|
وقربها خيرُ مطلوبٍ ومنشودِ |
ألستُ أَشهدُ إخواني ورؤيتُهم |
|
تفي بملكِ سليمانَ بنِ داودِ |
كان المترجَم يتعصّب للعجم على العرب ، فكتب إليه ابن العميد رسالةً ينكر
__________________
(١) جَيّ : اسم مدينة ناحية أصبهان القديمة.