والباحث يجد شاعرنا عند شعره معلِّماً أخلاقيّا فذّا بعد ما يرى أمثلة خلائقه الكريمة ، ونفائس سجاياه ، وصدقه في ولائه ، وقيامه بشؤون الإنسانية نصب عينيه ، مهما وقف على مثل قوله :
ولدينا لذي المودّةِ حِفظٌ |
|
ووفاءٌ بالعهدِ والميثاقِ |
أتوخّى رضاهُ جَهدي فلمّا |
|
مسّهُ الضُرُّ مسّهُ إرفاقي |
تلك أخلاقُنا ونحنُ أُناسٌ |
|
همّنا في مكارمِ الأخلاقِ |
وقوله :
أُناسٌ أعرضوا عنّا |
|
بلا جُرمٍ ولا معنى |
أساؤوا ظنّهم فينا |
|
فهلاّ أحسَنوا الظنّا |
وخَلَّوْنا ولو شاءوا |
|
لَعادُوا كالذي كنّا |
فإن عادوا لنا عُدْنا |
|
وإن خانوا لمَا خُنّا |
وإن كانوا قد اشتغلوا |
|
فإنّا عنهمُ أغنى |
وقوله من قصيدة يمدح بها ابن مقلة :
كم فيَّ من خلّةٍ لو أنَّها امتحنتْ |
|
أدّت إلى غبطةٍ أو سدّت الخلّه |
وهمّةٍ في محلِّ النجم موقعُها |
|
وعزمةٍ لم تكن في الخطب منجلّه |
وذلّةٍ أكسبتني عزّ مكرمةٍ |
|
وربّما يُستفاد العزُّ بالذلّه |
صاحبتُ ساداتِ أقوامٍ فما عثروا |
|
يوماً على هفوةٍ منّي ولا زلّه |
واستمتعوا بكفاياتي وكنت لهمْ |
|
أوفى من الذرع أو أمضى من الأَلّة (١) |
خطٌّ يروقُ وألفاظٌ مهذّبةٌ |
|
لا وعرةُ النظمِ بل مختارةٌ سهله |
لو أنَّني مُنْهِلٌ منها أخا ظمأٍ |
|
روّت صَداه فلم يَحْتَجْ إلى غلّه |
__________________
(١) الألّة : الحربة.