وكم سننتُ رسوماً غيرَ مشكلةٍ |
|
كانت لمن أَمّها مُسترشداً قِبله |
عمّتْ فلا منشئُ الديوان مكتفياً |
|
منها ولم يغن عنها كاتب السلّه |
وصاحبَتْني رجالاتٌ بذلتُ لها |
|
مالي فكان سماحي يقتضي بذلَه |
فأعملَ الدهرُ في خَتلي مكائدَهُ |
|
والدهرُ يعمل في أهل الهوى ختلَه |
لكن قنعتُ فلم أرغب إلى أحدٍ |
|
والحرُّ يحملُ عن إخوانه كَلَّه |
وتراه متى ما أبعده الزمان عن أخلاّئه وحجبهم عنه ، عزّ عليه البين ، وعظمت عليه شقّته ، وثقل عليه عبئه ، فجاء في شكواه يفزع ويجزع ، ويئنُّ ويحنُّ ، فيصوِّر على قارئ شعره حنانه وحنينه ، ويمثِّل سجاح عينه لوعة وجده ، ولهب هواه بمثل قوله :
يا من لعينٍ ذَرَفَتْ |
|
ومن لروحٍ تَلِفَتْ |
مُنهلّةٌ عبرتُها |
|
كأنّها قد طرفتْ (١) |
إن أمِنَتْ فاضتْ وإن |
|
خافتْ رقيباً وقَفَتْ |
وإنّما بكاؤها |
|
على ليالٍ سَلَفَتْ |
وقوله :
يا مُعرضاً لا يلتفتْ |
|
بمثل ليلي لا تَبِتْ |
بَرَّحَ هجرانُكَ بي |
|
حتى رثى لي من شَمَتْ |
علّقتَ قلبي بالمُنى |
|
فأَحْيِهِ أو فَأَمِتْ |
وبما كان ـ كشاجم ـ مجبولاً بالحنان ولين الجانب ، وسجاحة الخلائق ، وحسن الأدب ، مطبوعاً بالعطف والرأفة ، مفطوراً على عوامل الإنسانية والغرائز الكريمة ، ولم يكن شرّيراً ، ولا رديء النفس ، ولا بذيء اللسان ، ولا مسارعاً في الوقيعة في أحد ،
__________________
(١) طرفت عينه : أصابها شيء فدمعت. (المؤلف)