فناداه من بُعدٍ وأعلا بصوتِهِ |
|
فكاد على خوفٍ من الرعبِ ينزلُ |
فأشرف مذعوراً فقال : فهل ترى |
|
بقربِكَ ماءً أيّها المتبتِّلُ |
فقال وأنّي بالمياهِ وأرضُنا |
|
جبالٌ وصخرٌ لا ترامُ وجندلُ |
ولكنّ في الإنجيلِ أنّ بِقُربِنا |
|
على فرسخينِ لا محالة منهلُ (١) |
ولم يَره إلاّ نبيٌّ مطهّرٌ |
|
وإلاّ وصيٌّ للنبيِّ مفضّلُ |
فسار على اسمِ اللهِ للماءِ طالباً |
|
وراهبُ ذاك الدير بالعين يأملُ |
فأوقفَ والفرسانُ حول ركابِه |
|
ونارُ الظما في أنفسِ القومِ تشعلُ |
فقال لهم يا قومِ هذا مكانكُمْ |
|
فمن رامَ شربَ الماءِ للحفرِ ينزلُ |
فما كان إلاّ ساعةً ثمّ أشرفوا |
|
على صخرةٍ صمّاء لا تتقلقلُ |
لُجينيّةً مَلْساً كأنّ أديمَها |
|
أُذيب عليها التبر أو ريفَ منخلُ |
فقال اقلبوها فاعتزوا عند أمرِهِ |
|
على ذاك كُلاّ وهي لا تتجلجلُ |
فقالوا جميعاً يا عليُّ فهذه |
|
صفاتٌ بها تعيا الرجال وتذهلُ |
فمدّ إليها ما انحنى فوق سرجِهِ |
|
يميناً لها إلاّ غدت وهي أسفلُ |
وزجَّ بها كالعود في كفِّ لاهبٍ |
|
فبان لهم عذبٌ من الماء سلسلُ |
فأوردهم حتى اكتفوا ثمّ عادها |
|
على الجبِّ لا يعيا ولا يتململُ |
فلمّا رآها الراهبُ انحطَّ مسرعاً |
|
لكفّيهِ ما بين الأنام يُقبِّلُ |
وأسلم لمّا أن رأوا هو قائلٌ |
|
أظنّك آليّا وما كنت أجهلُ |
القصيدة (١٠٤) أبيات
ـ ٢ ـ
من قصيدة يمدح بها أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ :
لَعمرُكَ يا فتى يومِ الغديرِ |
|
لأنت المرءُ أولى بالأمورِ |
وأنت أخٌ لخيرِ الخلقِ طرّا |
|
ونفسٌ في مباهلةِ البشيرِ |
__________________
(١) كذا بالرفع ، والصواب نصبها : لأنّها اسم أنّ مؤخّراً.