حلّت حُباها المنايا في كتائبِه |
|
بالضربِ فاجتثّت الأجسادَ بالقضبِ |
تلاقت البيضُ في الأحشاء فاعتنقتْ |
|
والسمهريّ من الماذيِّ واليلبِ (١) |
بكتْ على الأرض دمعاً من دمائهمُ |
|
فاستعربتْ من ثغور النَّوْرِ والعشبِ |
ويحدّثنا شعره أنّه ما كان يَعدُّ الشعر لنفسه فضيلةً ومأثرةً ، بل كان يتّخذه وسيلة إلى غرضه فيقول :
وما الشعر فخري ولكنّما |
|
أطولُ به همّة الفاخرِ |
أنزِّههُ عن لقاءِ الرجالِ |
|
وأجعلُه تحفةَ الزائرِ |
فما يتهدّى إليه الملو |
|
ك إلاّ من المثَلِ السائرِ |
وإنّي وإن كنتُ من أهلِهِ |
|
لتنكرُ في حرفةَ الشاعرِ |
ويقول :
وما قوليَ الأشعارَ إلاّ ذريعةً |
|
إلى أملٍ قد آن قَوْدُ جنيبهِ |
وإنّي إذا ما بلّغ اللهُ غايةً |
|
ضمنتُ له هجرَ القريضِ وحوبهِ |
ويقول :
مالك ترضى أن يقال شاعرٌ |
|
بُعداً لها من عددِ الفضائلِ |
كفاك ما أورقَ من أغصانِه |
|
وطالَ من أعلامِهِ الأطاولِ |
فكم تكونُ ناظماً وقائلاً |
|
وأنت غبَّ القولِ غيرُ فاعلِ |
وهو في شعره يرى نفسه أشعر الأمم تارة ، ويرى شعره فوق شعر البحتري ومسلم بن الوليد أخرى ، ويتواضع طوراً ويجعل نفسه زميل الفرزدق أو جرير ، ويرى نفسه ضريباً لزهير ، ومرّة يتفوّه بالحقّ وينظر إلى شعره بعين الرضا ويرى كلامه فوق كلام الرجال ، وقد أجمع الأكثرون أنَّه أشعر قريش.
__________________
(١) الماذي : الدرع الليّنة السهلة ، والسلاح كلّه. واليلب : الدروع من الجلود. (المؤلف)