والثاني : على إقامة الحجّ.
فأمّا تسيير الحجيج ، فهو ولاية سياسة وزعامة وتدبير.
والشروط المعتبرة في المولّى : أن يكون مطاعاً ، ذا رأي وشجاعة ، وهيبة وهداية ، والذي عليه في حقوق هذه الولاية عشرة أشياء :
١ ـ جمع الناس في مسيرهم ونزولهم ؛ حتى لا يتفرّقوا فيخاف عليهم التَّوى (١) والتغرير.
٢ ـ ترتيبهم في المسير والنزول بإعطاء كلّ طائفة منهم مقاداً ؛ حتى يعرف كلُ فريق منهم مقاده إذا سار ، ويألف مكانه إذا نزل ، فلا يتنازعون فيه ولا يضلّون عنه.
٣ ـ يرفق بهم في السير ، حتى لا يعجز عنه ضعيفهم ، ولا يضلَّ عنه منقطعهم ،
وروي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «الضعيف أمير الرفقة».
يريد أنّ من ضعفت دوابّه كان على القوم أن يسيروا بسيره.
٤ ـ أن يسلك بهم أوضح الطرق وأخصبها ، ويتجنّب أجدبها وأوعرها.
٥ ـ أن يرتاد لهم المياه إذا انقطعت والمراعي إذا قلّت.
٦ ـ أن يحرسهم إذا نزلوا ويحوطهم إذا رحلوا ؛ حتى لا يتخطّفهم داعر ، ولا يطمع فيهم متلصِّص.
٧ ـ أن يمنع عنهم من يصدّهم عن المسير ، ويدفع عنهم من يحصرهم عن الحجِ بقتال إن قدر عليه ، أو ببذل مال إن أجاب الحجيج إليه ، ولا يسعه أن يجبر أحداً على بذل الخفارة إن امتنع منها ، حتى يكون باذلاً لها عفواً ومجيباً إليها طوعاً ، فإنّ بذل المال على التمكين من الحجّ لا يجب.
__________________
(١) التَّوى ـ بفتح التاء ـ : الهلاك. من (توي) بوزن (رضي) : أي هلك.