كتب الشاعر المفلق أحمد بن سلمان الفجري إلى عبد المحسن الصوري :
أعبدَ المحسنِ الصوريَّ لِم قدْ |
|
جثمتَ جثومَ منهاضٍ كسيرِ |
فإن قلتَ العبالةُ أقعدتني |
|
على مضضٍ وعاقت عن مسيري (١) |
فهذا البحر يحملُ هُضْبَ رضوى |
|
ويستثني بركنٍ من ثبيرِ |
وإن حاولتَ سيرَ البرِّ يوماً |
|
فلستَ بمثقلٍ ظهرَ البعيرِ |
إذا استحلى أخوكَ قلاك يوماً |
|
فمثلُ أخيكَ موجودُ النظيرِ |
تحرّكْ علَّ أن تلقى كريماً |
|
تزولُ بقُربِهِ إِحَنُ الصدورِ |
فما كلُّ البريّةِ من تراهُ |
|
ولا كلُّ البلادِ بلادُ صورِ |
فأجابه عبد المحسن :
جزاك اللهُ عن ذا النصحِ خيراً |
|
ولكن جاءَ في الزمنِ الأخيرِ |
وقد حدّتْ ليَ السبعون حدّا |
|
نهى عمّا أمرتَ من المسيرِ |
ومذ صارتْ نفوسُ الناسِ حولي |
|
قصاراً عُذتُ بالأمل القصيرِ (٢) |
وقال في صبيِّ اسمه مقاتل ـ وله فيه شعرٌ كثيرٌ ـ :
تعلّمتْ وجنتُه رُقيةً |
|
لعقربِ الصدغ فما تلسعُ |
صُمَّتْ عن العاذل في حبِّه |
|
أُذني فما لي مِسمَعٌ يسمعُ |
ودَّعْتُهُ والدّمعُ في مقلتي |
|
في عَبرتي مستعجلٌ مُسرعُ |
فظنَّ إذ أبصرتَها أنّها |
|
سائرُ أعضائي بها تدمعُ |
وقال هذا قبلَ يوم النّوى |
|
فما ترى بعد النّوى تصنعُ |
في غيرِ وقتِ الدمعِ ضيّعتَهُ |
|
قلتُ فقَلبي عندَكم أضيعُ (٣) |
__________________
(١) العبالة : الضخامة. (المؤلف)
(٢) راجع ديوانه [١ / ٢٠٢ رقم ١٢٤] ، وذكرها الثعالبي في يتيمة الدهر : ١ / ٢٦٩ [١ / ٣٧٩]. (المؤلف)
(٣) ديوان الصوري : ١ / ٢٧٨ رقم ٢١٦ ، ٢١٧.