ومذهبه العلويِّ ، وقريضه الخسروانيِّ ، قد طبق العالم ثناءً وإطراءً ومكرمةً وجلالةً ، وما يضرّه أمسه إن كان مجوسيّا فارسيّا فيه ، وها هو في يومه مسلم في دينه ، علويّ في مذهبه ، عربيّ في أدبه ، وها هو يحدِّث شعره عن ملكاته الفاضلة ، ويتضمّن ديوانه آثار نفسيّاته الكريمة ، وخلّد له ذكرى مع الأبد ، فهل أبقى أبو الحسن مهيار ذروة من الشرف لم يتسنّمها؟ أو صهوةً من النبوغ لم يمتطها؟ ولو كان يؤاخَذ بشيءٍ من ماضيه لكان من الواجب مؤاخذة الصحابة الأوّلين كلّهم على ماضيهم التعيس ، غير أنّ الإسلام يجبُّ ما قبله ، فتراه يتبهّج بسؤدد عائلته المالكة التي هي أشرف عائلات فارس ، ويفتخر بشرف إسلامه وحسن أدبه بقوله (١):
أُعجِبَتْ بي بين نادي قومِها |
|
أمُّ سعدٍ فمضتْ تسألُ بي |
سرّها ما علمتْ من خُلُقي |
|
فأرادتْ علمَها ما حَسَبي |
لا تخالي نسباً يخفضُني |
|
أنا من يُرضيكِ عند النسبِ |
قوميَ استولوا على الدهرِ فتىً |
|
ومشوا فوق رءوس الحِقَبِ |
عمّموا بالشمسِ هاماتِهُم |
|
وبَنَوا أبياتَهمْ بالشهبِ |
وأبي كسرى (٢) على إيوانِهِ |
|
أين في الناس أبٌ مثلُ أبي |
سَوْرةُ الملكِ القدامى وعلى |
|
شرفِ الإسلامِ لي والأدبِ |
قد قبستُ المجدَ من خيرِ أبٍ |
|
وقبستُ الدينَ من خيرِ نبي |
وضممتُ الفخرَ من أطرافِهِ |
|
سؤددَ الفرسِ ودينَ العربِ |
أسلم المترجم على يد سيّدنا الشريف الرضي سنة (٣٩٤) (٣) ، وتخرّج عليه في الأدب والشعر ، وتوفّي ليلة الأحد لخمس خلون من جمادى الثانية سنة (٤٢٨) ، ولم
__________________
(١) ديوان مهيار الديلمي : ١ / ٦٤.
(٢) ولد في أيّام ملكه نبيّ العظمة صلّي الله عليه واله وسلم ويعزى إليه عليهالسلام : «ولدت في زمن الملك العادل». (المؤلف) و «ولدت في زمن الملك العادل». (المؤلف)
(٣) كامل ابن الأثير : ٩ / ١٧٠ [٦ / ٨٥ حوادث سنة ٤٢٨ ه] ، المنتظم لابن الجوزي : ٨ / ٩٤ [١٥ / ٢٦٠ رقم ٣٢٠٨]. (المؤلف)