وتنكّرت آياتُه وتغيّرتْ |
|
جاراتُهُ وتقوّضتْ آطامُه |
ولقد درى مَن في الشباب حياتُه |
|
أنّ المشيبَ إذا علاه حِمامُه |
عوجا نُحَيِّ الربعَ يدللْنا الهوى |
|
فلربّما نفع المحبَّ سلامُه |
واستعبرا عنّي به إن خانني |
|
جَفني فلم يمطر عليه غمامُه |
فمن الجفونِ جوامدٌ وذوارفٌ |
|
ومن السحابِ رُكامُه وجَهامُه (١) |
دِمَنٌ رضعتُ بهنَّ أخلافَ الصبا |
|
لو لم يكن بعد الرضاعِ فطامُه |
ولقد مررتُ على العقيقِ فشفّني |
|
أن لم تغنِّ على الغصونِ حمامُه |
وكأنّه دَنِفٌ تجلّدَ مؤنساً |
|
عوّادَهُ حتى استبانَ سقامُه |
من بعد ما فارقتُه فكأنّه |
|
نشوانُ تمسحُ تربَه آكامُه |
مَرِحٌ يهزُّ قناتَهُ لا يأتلي |
|
أَشَرُ الصبا وغرامُه وعرامُه (٢) |
تندى على حرِّ الهجيرِ ظلالُهُ |
|
ويضيء في وقت العشيِّ ظلامُه |
وكأنّما أطيارُه ومياهُهُ |
|
للنازليه قِيانُه ومُدامُه |
وكأنّ آرامَ النساءِ بأرضِهِ |
|
للقانصي طَرْدِ الهوى آرامُه |
وكأنّما بردُ الصبا حوذانُه |
|
وكأنّما ورقُ الشبابِ بَشامُه (٣) |
وعَضيهةٌ جاءتك من عبقٍ بها |
|
أزرى عليك فلم يجرْه كلامُه (٤) |
ورماك مجترياً عليك وإنّما |
|
وافاك من قعرِ الطويّ سلامُه |
وكأنّما تسفي الرياح بعالجٍ |
|
ما قال أو ما سطّرت أقلامُه |
وكأنّ زُوراً لُفِّقتْ ألفاظُهُ |
|
سلكٌ وهى فانحلَّ عنه نظامُه |
وإذا الفتى قعدتْ به أخوالُه |
|
في المجدِ لم تنهضْ به أعمامُه |
__________________
(١) الركام من السحاب : المتراكم. الجهام : الذي لا مطر فيه.
(٢) لا يأتلي : لم يقصِّر. الأشَر : البطَر. العرام : الشراسة.
(٣) الحوذان والبشام : نبتان طيّبا الرائحة.
(٤) العَضِيهة : الإفْك والبُهْتان والنَّمِيمة.