الوحي وشيعتهم ، يوم شنّت الغارة على مشهد الإمام الطاهر موسى بن جعفر ومشاهد أوليائه المدفونين في جوار أمنه وحرم قدسه.
قال ابن الأثير في الكامل (١) (٩ / ٢١٥) : وكان سبب هذه الفتنة أنّ أهل الكرخ شرعوا في عمل باب السمّاكين ، وأهل القلاّئين في عمل ما بقي من باب مسعود ، ففرغ أهل الكرخ وعملوا أبراجاً كتبوا عليها بالذهب : محمد وعليّ خير البشر ، وأنكر السنّة ذلك وادّعوا أنّ المكتوب : محمّد وعليّ خير البشر ، فمن رضي فقد شكر ، ومَن أبى فقد كفر. وأنكر أهل الكرخ الزيادة وقالوا : ما تجاوزنا ما جرت به عادتنا فيما نكتبه على مساجدنا ، فأرسل الخليفة القائم بأمر الله أبا تمام نقيب العبّاسيّين ونقيب العلويّين وهو عدنان (٢) بن الرضيّ لكشف الحال وإنهائه ، فكتبا بتصديق قول الكرخيّين ، فأمر حينئذٍ الخليفة ونوّاب الرحيم بكفّ القتال فلم يقبلوا ، وانتدب ابن المذهب القاضي والزهيري وغيرهما من الحنابلة أصحاب عبد الصمد بحمل العامّة على الاغراق في الفتنة ، فأمسك نوّابُ الملك الرحيم عن كفِّهم غيظاً من رئيس الرؤساء (٣) لميله إلى الحنابلة ، ومنع هؤلاء السنّة من حمل الماء من دجلة إلى الكرخ ،
__________________
(١) الكامل في التاريخ : ٦ / ١٥٨ حوادث سنة ٤٤٣ ه.
(٢) الشريف عدنان هو ابن الشريف الرضي المترجَم في هذا الجزء : ص ١٨١ ، ولي النقابة بعد وفاة عمّه الشريف المرتضى المترجم في هذا الجزء : ص ٢٦٤ ، واستمرَّ إلى أن توفّي ببغداد سنه (٤٤٩). (المؤلف)
(٣) أبو القاسم بن المسلمة عليّ بن الحسن بن أحمد وزير القائم بأمر الله ، مكث في الوزارة اثنتي عشرة سنة وشهراً ، قتله البساسيري سنة (٤٥٠) [البداية والنهاية : ١٢ / ٩٧ حوادث سنة ٤٥٠ ه]. قال ابن كثير في تاريخه : ١٢ / ٦٨ [١٢ / ٨٦ حوادث سنة ٤٤٨ ه] : كان كثير الأذيّة للرافضة ، ألزم الروافض بترك الأذان بحيَّ على خير العمل ، وأُمروا أن ينادي مؤذِّنهم في أذان الصبح بعد حيَّ على الفلاح : الصلاة خير من النوم ، مرّتين. وأُزيل ما كان على أبواب المساجد ومساجدهم من كتابة : محمد وعليّ خير البشر. وأمر رئيس الرؤساء بقتل أبي عبد الله بن الجلاب شيخ الروافض لما كان تظاهر به من الرفض والغلوّ فيه ، فقتل على باب دكانه ، وهرب أبو جعفر الطوسي ونهبت داره. (المؤلف)