الأمين محمد بن الرشيد ، وقبر أُمِّه زبيدة ، وجرى من الأمر الفظيع ما لم يجرِ في الدنيا مثله.
فلمّا كان الغد خامس الشهر عادوا وحفروا قبر موسى بن جعفر ومحمد بن علي لينقلوهما إلى مقبرة أحمد بن حنبل ، فحال الهدم بينهم وبين معرفة القبر ، فجاء الحفر إلى جانبه.
وسمع أبو تمام نقيب العبّاسيّين وغيره من الهاشميّين والسنّة الخبر فجاؤوا ومنعوا عن ذلك ، وقصد أهل الكرخ إلى خان الفقهاء الحنفيّين فنهبوه وقتلوا مدرّس الحنفيّة أبا سعد السرخسي ، وأحرقوا الخان ودور الفقهاء ، وتعدّت الفتنة إلى الجانب الشرقي ، فاقتتل أهل باب الطاق وسوق بج والأساكفة وغيرهم ، ولمّا انتهى خبر إحراق المشهد إلى نور الدولة دبيس بن مزيد ، عظم عليه واشتدّ وبلغ منه كلّ مبلغ لأنّه وأهل بيته وسائر أعماله من النيل ، وتلك الولاية كلّهم شيعة ، فقطعت في أعماله خطبة الإمام القائم بأمر الله ، فروسل في ذلك وعوتب ، فاعتذر بأنّ أهل ولايته شيعة واتّفقوا على ذلك فلم يمكنه أن يشقّ عليهم ، كما أنّ الخليفة لم يمكنه كفّ السفهاء الذين فعلوا بالمشهد ما فعلوا وأعاد الخطبة إلى حالها.
وزاد ابن الجوزي في المنتظم (١) (٨ / ١٥٠) : ظهر عيّار يعرف بالطقطقي من أهل درزيجان وحضر الديوان واستتيب ، وجرى منه في معاملة أهل الكرخ وتتبّعهم في المحالّ وقتلهم على الاتِّصال ما عظمت فيه البلوى ، واجتمع أهل الكرخ وقت الظهيرة فهدمت حائط باب القلاّئين ورموا العذرة على حائطه ، وقطع الطقطقي رجلين وصلبهما على هذا الباب بعد أن قتل ثلاثة من قبل وقطع رءوسهم ورمى بها إلى أهل الكرخ ، وقال : تغدّوا برءوس. ومضى إلى درب الزعفراني فطالب أهله بمائة ألف دينار ، وتوعّدهم إن لم يفعلوا بالإحراق فلاطفوه فانصرف ، ووافاهم من الغد فقاتلوه
__________________
(١) المنتظم : ١٥ / ٣٣٠ حوادث سنة ٤٤٣ ه.