لا تخالوا خالَه في خدِّه |
|
قطرةً من دم جفني نقطتْ (١) |
ذاك من نارِ فؤادي جذوةٌ |
|
فيه ساخت وانطفت ثمّ طفتْ |
وكان بين المترجم وابن القيسراني (٢) مهاجاة ، واتّفق أنّ أتابك عماد الدين زنكي صاحب الشام غنّاه مغنٍّ على قلعة جعبر وهو يحاصرها قول المترجم :
ويلي من المعرض الغضبان إذ نقل ال |
|
ـواشي إليه حديثاً كلّه زورُ |
سلّمتُ فازورَّ يزوي قوسَ حاجبِهِ |
|
كأنّني كأسُ خمرٍ وهو مخمورُ |
فاستحسنها زنكي وقال : لمن هذه؟ فقيل : لابن منير وهو بحلب فكتب إلى والي حلب يسيّره إليه سريعاً ، فسيّره ، فليلةَ وصل ابن منير قُتل أتابك زنكي ، فعاد ابن منير صحبة العسكر إلى حلب ، فلمّا دخل قال له ابن القيسراني : هذه بجميع ما كنت تبكتني به.
كان شاعرنا المترجم عند أُمراء بني منقذ بقلعة شَيزَر ، وكانوا مقبلين عليه ، وكان بدمشق شاعرٌ يقال له : أبو الوحش ، وكانت فيه دعابة وبينه وبين أبي الحكم عبيد الله (٣) مُداعبات ، فسأل منه كتاباً إلى ابن منير بالوصيّة عليه ، فكتب أبو الحكم :
أبا الحسين اسمع مقالَ فتىً |
|
عوجلَ فيما يقول فارتجلا |
هذا أبو الوحش جاء ممتدحاً |
|
للقومِ فاهنأ به إذا وصلا |
__________________
(١) في وفيات الأعيان : نطَفَت.
(٢) شرف الدين أبو عبد الله محمد بن نصر الخالدي الحلبي الشاعر الفذّ المتوفّى بدمشق (٥٤٨ (المؤلف)
(٣) هو أبو الحكم عبيد الله بن المظفّر المغربي ، الشاعر المتضلّع في الأدب والطبّ والهندسة ، له أشياء مُستملَحة منها مقصورة هزليّة ضاهى بها مقصورة ابن دُريد ، وُلِد باليمن سنة (٤٨٦) وتوفّي بدمشق سنة (٥٤٩). توجد ترجمته في تاريخ ابن خلّكان : ١ / ٢٩٥ [٣ / ١٢٣ رقم ٣٥٩] ، ونفح الطيب : ١ / ٣٨٥ [٢ / ٣٣٧ رقم ٧٥] وغيرهما. (المؤلف)