لكن الرجل موالٍ مقتصد ، قد أغرق نزعاً في اقتفاء أثر القوم والاستضاءة بنورهم الأبلج ، وقد عدّه ابن شهرآشوب في معالمه (١) من المتّقين من شعراء أهل البيت عليهمالسلام.
قال الحموي في معجم الأدباء (٢) (٤ / ٢٣٠) : المؤدِّب الشيعيّ ، كان نحويّا فاضلاً ، عالماً بالأدب ، مغالياً في التشيّع ، له شعر جيّد أكثره في مديح أهل البيت ، وله غزل رقيق ، مات سنة (٥٦٥) وقد ناهز المائة ، ومن شعره :
قمرٌ أقام قيامتي بقوامِهِ |
|
لِمَ لا يجودُ لمهجتي بذمامهِ |
ملّكتُه كبدي فأتلفَ مهجتي |
|
بجمالِ بهجتِهِ وحسن كلامهِ |
وبمبسمٍ عذبٍ كأنّ رضابَهُ |
|
شهدٌ مذابٌ في عبيرِ مُدامهِ |
وبناظرٍ غنجٍ وطرفٍ أحورٍ |
|
يصمي القلوبَ إذا رنا بسهامهِ |
وكأنّ خطَّ عذارِهِ في حسنِهِ |
|
شمسٌ تجلّت وهي تحت لثامهِ |
فالصبحُ يسفرُ من ضياءِ جبينهِ |
|
والليلُ يُقبل من أثيثِ ظلامهِ |
والظبيُ ليس لحاظُه كلحاظِهِ |
|
والغصنُ ليس قوامُهُ كقوامهِ |
قمرٌ كأنّ الحسنَ يعشقُ بعضَهُ |
|
بعضاً فساعدُهُ على قَسّامهِ |
فالحسنُ من تلقائِه وورائِه |
|
ويمينهِ وشمالِه وأمامهِ |
ويكاد من تَرَفٍ لدقّةِ خَصرِهِ |
|
ينقدُّ بالأردافِ عند قيامهِ |
وقال العماد الكاتب : كان غالياً في التشيّع ، حالياً بالتورّع ، عالماً بالأدب ، معلّماً في الكتب ، مقدّماً في التعصّب ، ثمّ أسنَّ حتى جاوز حدّ الهرم ، وذهب بصره وعاد وجوده شبيه العدم ، وأناف على التسعين ، وآخر عهدي به في درب صالح ببغداد في سنة اثنتين وستّين وخمسمائة.
__________________
(١) معالم العلماء : ص ١٥٣.
(٢) معجم الأدباء : ١١ / ١٩٠.