أُمراء الدولة إلى منازلهم للولائم ، واستحضرني الصالح للمجالسة ، ونظمني في سلك أهل المؤانسة ، وانثالت عليَّ صِلاته وغمرني برُّه ، ووجدت بحضرته من أعيان أهل الأدب : الشيخ الجليس أبا المعالي بن الحبّاب (١) ، والموفّق ابن الخلاّل صاحب ديوان الإنشاء ، وأبا الفتح محمود بن قادوس (٢) ، والمهذّب أبا محمد الحسن بن الزبير ، وما من هذه الحلبة أحدٌ إلاّ ويضرب في الفضائل النفسانيّة والرئاسة الإنسانيّة بأوفر نصيب ، ويرمي شاكلة الأشكال فيصيب.
وقال في (ص ٦٩) : لمّا جلس شاور في دار الذهب ، قام الشعراء والخطباء ولفيفٌ من الناس إلاّ الأقلّ ينالون من بني رُزّيك وضرغام نائب الباب ويحيى بن الخيّاط اسفهسلاّر (٣) العساكر ، وكانت بيني وبين شاور أنسة تامّة مستحكمة ، فأنشدته في اليوم الثاني من جلوسه والجمع حافلٌ قصيدة أوّلها :
صحّت بدولتِكَ الأيّامُ من سقمِ |
|
وزال ما يشتكيه الدهرُ من ألمِ |
زالت ليالي بني رُزّيك وانصرمتْ |
|
والحمدُ والذمُّ فيها غيرُ مُنصرمِ |
كأنّ صالحَهم يوماً وعادلَهم |
|
في صدرِ ذا الدستِ لم يقعدْ ولم يقمِ |
هم حرّكوها عليهم وهي ساكنةٌ |
|
والسلمُ قد تنبتُ الأوراقَ في السلمِ |
كنّا نظنُّ وبعضُ الظنِّ مأثمةٌ |
|
بأنّ ذلك جمعٌ غيرُ منهزمِ |
فمذ وقعتَ وقوع النسر خانهمُ |
|
من كان مجتمعاً من ذلك الرخمِ |
وكان ضرغام ينقم عليَّ هذا البيت ، ويقول : أنا عندك من الرخم!
ولم يكونوا عدوّا زلَّ جانبُهُ |
|
وإنّما غرقوا في سَيلِكَ العرمِ |
وما قصدت بتعظيمي سواك سوى |
|
تعظيمِ شأنِكَ فاعذرني ولا تلُمِ |
__________________
(١) أحد شعراء الغدير قد مرّت ترجمته في هذا الجزء : ص ٣٨٧. (المؤلف (
(٢) أحد شعراء الغدير أسلفنا ترجمته في هذا الجزء : ص ٣٣٨. (المؤلف)
(٣) معرّب سبهسالار : قائد الجيش. (المؤلف)