عَلَى القَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيمَاً) (١).
وبالعلم والنبيُ قال : «أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها» وأثر ذلك بيِّنٌ ؛ لأنّه عليهالسلام لم يسأل من الصحابة أحداً وقد سألوه ، ولم يستفتهم وقد استفتوه حتى إنّ عمر يقول : لو لا عليٌّ لهلك عمر ، ويقول : لا أعاشني الله لمشكلة ليس لها أبو الحسن ، وقد قال الله تعالى : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (٢).
وبالزهد والتقوى والبرِّ والحسنى ، فإذا كان أعلمهم فهو أتقاهم ، وقال الله تعالى : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) (٣).
وبعدُ : فهو الذي آثر المسكين واليتيم والأسير على نفسه مخرجاً قوته كلّ ليلة إليهم عند فطره ، حتى أنزل الله تعالى : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) (٤). فأخبر نبيّه وعده عليه الجنّة. والحديث طويل وفضله كثير ، وهو الذي تصدّق بخاتمه في ركوعه حتى أنزل الله فيه : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ) (٥).
وزعمت طائفةٌ من الشيعة ، ذاهلةً عن تحقيق الاستدلال ، أنّ عليّا عليهالسلام كان في تقيّة ، فلذلك ترك الدعوة إلى نفسه. وزعمت أنّ عليه نصّا جليّا لا يحتمل التأويل ، وقالت العدليّة : هذا فاسدٌ ، كيف تكون عليه التقيّة في إقامة الحقّ وهو سيّد بني هاشم؟ وهذا سعد بن عبادة نابذ المهاجرين وفارق الأنصار لم يخش مانعاً ودافعاً ، وخرج إلى حوران ولم يبايع. ولو جاز خفاء النصِّ الجليِّ عن الأمّة في مثل الإمامة لجاز أن يُتكتّم صلاة سادسة وشهر يُصام فيه غير شهر رمضان فرضاً ، وكلّ ما أجمع عليه الأمّة من أمر الأئمّة الذين قاموا بالحقِّ وحكموا بالعدل صوابٌ ، وأمّا من نابذ
__________________
(١) النساء : ٩٥.
(٢) الزمر : ٩.
(٣) فاطر : ٢٨.
(٤) الإنسان : ٨.
(٥) المائدة : ٥٥.