في الدين ، وأكله للجشب (١) ولبساً للخشن ، يستقون من علمه ، وما يُستقى إلاّ ممّن هو أعلم ، خير الأوّلين وخير الآخرين.
عهد إليه في الناكثين والقاسطين والمارقين ، وقُتل بين يديه عمّار بن ياسر المشهود له بالجنّة لبصيرته في أمره ، وشبّهه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعيسى بن مريم عليهالسلام كما شبّهه بهارون ، لا تضرب الأمثال إلاّ بالأنبياء ، وتصدّق بخاتمه في ركوعه حتى أُنزل فيه : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ) الآية ، وآثر المسكين واليتيم والأسير على نفسه حتى أُنزل فيه : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً).
وقال تعالى : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) (٢). قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنا المنذر وأنت ياعليّ الهادي» ، وقال تعالى : (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) (٣).
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «هي أُذن عليّ عليهالسلام». وجعله الله في الدنيا فصلاً بين الإيمان والنفاق ، حتى قيل : ما كنّا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلاّ ببغضهم عليّا عليهالسلام. وأخبر أنّه في الآخرة قسيم الجنّة والنار.
وقال ابن عبّاس : ما أنزل الله في القرآن يا أيّها الذين آمنوا إلاّ وعليٌّ سيّدها وأميرها وشريفها ، وأعلى من ذلك قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «عليٌّ يعسوب المؤمنين».
وله ليلة الفراش حين نام عليه في مكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم صابراً على ما كان يتوقّع من الذبح ، صحبة إسحاق ذبيح الله حين صبر على ما ظنّ أنّه نازلٌ به من الذبح ، وقال فيه مثل عمر بن الخطّاب : لولا عليٌّ لهلك عمر ، ولا أعاشني الله لمشكلةٍ ليس لها أبو الحسن. ودهره كلّه إسلام وزمانه أجمع إيمان ، لم يكفر بالله طرفة عين ،
__________________
(١) جشُب الطعام : غلُظ. (المؤلف)
(٢) الرعد : ٧.
(٣) الحاقّة : ١٢.