فمشى إليهم عبادة ، فقال : أيّها الناس من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا عبادة ابن الصامت ، ألا وإنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في مجلس من مجالس الأنصار ليلة الخميس في رمضان ولم يصم رمضان بعده ، يقول : «الذهب بالذهب ، مثلاً بمثل ، سواءً بسواء ، وزناً بوزن ، يداً بيد ، فما زاد فهو ربا ، والحنطة بالحنطة ، قفيز بقفيز ، يد بيد ، فما زاد فهو ربا ، والتمر بالتمر قفيز بقفيز ، يد بيد ، فما زاد فهو ربا». قال : فتفرّق الناس عنه. فأُتي معاوية فأُخبر بذلك ، فأرسل إلى عبادة فأتاه ، فقال له معاوية : لئن كنت صحبت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وسمعت منه لقد صحبناه وسمعنا منه ، فقال له عبادة : لقد صحبته وسمعت منه ، فقال له معاوية : فما هذا الحديث الذي تذكره؟ فأخبره به ، فقال له معاوية : اسكت عن هذا الحديث ولا تذكره ، فقال له : بلى ، وإن رغم أنف معاوية ، ثم قام فقال له معاوية : ما نجد شيئاً أبلغ فيما بيني وبين أصحاب محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم من الصفح عنهم.
٥ ـ عن قبيصة بن ذؤيب : أنّ عبادة أنكر على معاوية شيئاً فقال : لا أساكنك بأرض ، فرحل إلى المدينة ، فقال له عمر : ما أقدمك؟ فأخبره ، فقال له عمر : ارحل إلى مكانك ، فقبّح الله أرضاً لست فيها وأمثالك ، فلا إمرة له عليك.
تاريخ ابن عساكر كما في كنز العمّال (٧ / ٧٨) ، والاستيعاب (٢ / ٤١٢) ، أُسد الغابة (٣ / ١٠٦) (١).
قال الأميني : إنّ من ضروريّات الدين الحنيف الثابتة كتاباً وسنّة وإجماعاً حرمة الربا ، وأنّه من أكبر الكبائر ، قال الله تعالى : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) (٢).
__________________
(١) تاريخ مدينة دمشق : ٢٦ / ١٩٦ رقم ٣٠٧١ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ١١ / ٣٠٦ ، كنز العمّال : ١٣ / ٥٥٤ ح ٣٧٤٤٢ ، الاستيعاب : القسم الثاني / ٨٠٨ رقم ١٣٧٢ ، أُسد الغابة : ٣ / ١٦٠ رقم ٢٧٨٩.
(٢) البقرة : ٢٧٥.