ثم جعل هذا كالتشبّه بالكفّار في وجوب التجنّب عن شعارهم ، وسيوافيك التفصيل في بيان هذه كلّها ونظرائها عند الكلام على الفتاوى الشاذّة عن الكتاب والسنّة إن شاء الله تعالى.
وقال الشيخ اسماعيل البروسوي في تفسيره روح البيان (٤ / ١٤٢) : قال في عقد الدرر واللآلئ (١) : المستحبّ في ذلك اليوم ـ يعني يوم عاشوراء ـ فعل الخيرات من الصدقة والصوم والذكر وغيرهما ، ولا ينبغي للمؤمن أن يتشبّه بيزيد الملعون في بعض الأفعال ، وبالشيعة والروافض والخوارج أيضاً. يعني لا يجعل ذلك اليوم يوم عيد أو يوم مأتم ، فمن اكتحل يوم عاشوراء فقد تشبّه بيزيد الملعون وقومه ، وإن كان للاكتحال في ذلك اليوم أصل صحيح ، فإنّ ترك السنّة سنّة إذا كان شعاراً لأهل البدعة كالتختّم باليمين ، فإنّه في الأصل سنّة لكنّه لمّا كان شعار أهل البدعة والظلمة ، صارت السنّة أن يجعل الخاتم في خنصر اليد اليسرى في زماننا ، كما في شرح القهستاني.
ومن قرأ يوم عاشوراء وأوائل المحرّم مقتل الحسين رضى الله عنه ، فقد تشبّه بالروافض ، خصوصاً إذا كان بألفاظ مخلّة بالتعظيم لأجل تحزين السامعين ، وفي كراهية القهستاني : لو أراد ذكر مقتل الحسين ، ينبغي أن يذكر أوّلاً مقتل سائر الصحابة لئلاّ يشابه الروافض.
وقال حجّة الإسلام الغزالي : يحرم على الواعظ وغيره رواية مقتل الحسين وحكايته وما جرى بين الصحابة من التشاجر والتخاصم ، فإنّه يهيج بغض الصحابة والطعن فيهم ، وهم أعلام الدين ، وما وقع بينهم من المنازعات فيحمل على محامل صحيحة ، ولعلّ ذلك لخطأ في الاجتهاد ، لا لطلب الرئاسة والدنيا كما لا يخفى. انتهى.
__________________
(١) في فضل الشهور والأيّام والليالي للشيخ شهاب الدين أحمد بن أبي بكر الحموي الشهير بالرسّام.(المؤلف)