الناس تتفرّق عن استماعها ، إلى تقديمها على الصلاة ليمنعهم انتظارهم لها عن الانجفال ؛ ثم اقتصّ أثره عمّاله والمتغلّبون على الأُمّة من بعد من بني أبيه ، وإن افترقت العلّة فيهم عنها فيه ، فإنّهم لمّا طغوا في البلاد طفقوا يسبّون أمير المؤمنين عليّا عليهالسلام في خطبهم ، فكان الحضور لا يستبيحون ذلك فيتفرّقون ، فبدا لهم تقديمها لإسماع الناس.
وأوّل من أحدث أُحدوثة السبّ هو معاوية ، فالشنعة عليه في المقام أعظم ممّن بدّل السنّة قبله ، فإنّه وإن تابع البادي على البدعة غير أنّه قرنها بأخرى شوهاء شنعاء ، فأمعن النظرة في تطبيق هذه البدعة بصورتها الأخيرة على ما صحّ عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من قوله : «من سبّ عليّا فقد سبّني ومن سبّني فقد سبّ الله» (١) وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا تسبّوا عليّا فإنّه ممسوس في ذات الله» (٢) ثم ارجع البصر كرّتين إلى أنّه هل يُباح لأيّ مسلم أن يجتهد بجواز سبّ مولانا أمير المؤمنين ، تجاه نصّ الكتاب العزيز في تطهيره ، وولايته ، ومودّته ، وكونه نفس النبيّ الأقدس صلىاللهعليهوآلهوسلم ، تجاه هذا النصّ الجليّ الخاص له عليهالسلام والنصوص العامّة الواردة في سباب المؤمن مثل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «سباب المسلم فسوق» (٣)؟! وهل يشكّ مسلم أنّ أمير المؤمنين أوّل المسلمين ، وأولاهم بهم من أنفسهم ، وهو أميرهم وسيّدهم؟
__________________
(١) أخرجه الحفّاظ بإسناد رجاله كلّهم ثقات ، صححه الحاكم والذهبي [في المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٠ ح ٤٦١٥ و ٤٦١٦ وكذا في تلخيصه]. (المؤلف)
(٢) حلية الأولياء : ١ / ٦٨. (المؤلف)
(٣) أخرجه البخاري [في ١ / ٢٧ ح ٤٨] ، ومسلم [١ / ١١٤ ح ١١٦ كتاب الإيمان] ، والترمذي [في صحيحه ٤ / ٣١١ ح ١٩٨٣] ، وابن ماجة [في السنن ٢ / ١٢٩٩ ح ٣٩٣٩] ، والنسائي [في سننه ٢ / ٣١٣ ح ٣٥٦٧ ـ ٣٥٧٨] ، والحاكم والدارقطني وغيرهم في الصحاح والمسانيد. (المؤلف) وانظر السنن للبيهقي : ٩ / ٢٠ ، ومسند أحمد : ١ / ٦٣٦ ح ٣٦٣٩ ، والمعجم الكبير للطبراني : ١٠ / ١٠٥ ح ١٠١٠٥ ، وحلية الأولياء : ٥ / ٢٣ ، وتاريخ بغداد : ٣ / ٣٩٧ رقم ١٥٢١ ج.