معاقد إجماع الأُمّة؟ والأُمّة على بكرة أبيها تعلم أنّ شيئاً من هاتيك المفتريات والنسب المائنة لم تُكتسح عنها إلاّ ببيان الإمام وبنانه ، وسيفه ولسانه ، ولو قام للدين مثال شاخص لما عداه أن يقوم بصورة عليّ عليهالسلام ومثاله.
أيّ اجتهاد يحبّذ له المسرّة والاستبشار بقتل أمير المؤمنين وولده الحسن الزكيّ ، إمامي الهدى صلوات الله عليهما ، والتظاهر بالجذل والحبور على مصيبة الدين الفادحة بهما ، ويري لصاحبه قتل عليّ عليهالسلام من لطف الله وحسن صنعه ، وزعم قاتله أشقى مراد من عباد الله؟ وأنت جدّ عليم بأنّ فقه الكتاب الكريم في منتأى عن هذه الشقوة ، كما أنّ السنّة الكريمة في مبتعد عن مثلها من قساوة ، ودع عنك معقد إجماع الأُمّة النائي عن هذه الفظاظة ، وملاكات الشريعة ـ منصوصة ومستنبطة ـ المباينة لتلك الصلافة ؛ نعم : قياس الجاهليّة الأولى يضرب على وتره ، ويغنّي في وتيرته!
أيّ اجتهاد يُرخّص هتك حرمات مكة والمدينة ، وشنّ الغارة على أهلها لمحض ولائهم عليّا عليهالسلام ، ويُشرّع نذر قتل نساء ربيعة لحبّ رجالهم أمير المؤمنين وتشيّعهم له عليهالسلام؟
أيّ اجتهاد يُحلّل مثلة من قُتل تحت راية عليّ عليهالسلام يوم صفّين ، وقد كان قتال الفئة الباغية بعهد من رسول الله وأمره؟ كما فصّلنا القول فيه في الجزء الثالث.
أيّ اجتهاد يمنع إمام الحقّ وآلافاً من المسلمين عن الماء المباح ، ويُعطي لمعاوية حقّ القول بأنّ هذا والله أوّل الظفر ، لا سقاني الله ولا سقى أبا سفيان إن شربوا منه أبداً حتى يُقتلوا بأجمعهم عليه (١)؟
أيّ اجتهاد يجوّز بيع الخمر وشربها ، وأكل الربا ، وإشاعة الفحشاء ، وقد حرّمها كتاب الله وسنّة نبيّه ، ويتلوهما الإجماع والقياس؟
__________________
(١) كتاب صفّين : ص ١٨٢ [ص ١٦٣] ، شرح نهج البلاغة : ١ / ٣٢٨ [٣ / ٣٢٠ خطبة ٥١]. (المؤلف)