الأغنياء».
حقّا ، لماذا يبتلى الإنسان بهذه الضائقات؟
القرآن يقول : إنّ العامل الأساس هو الإعراض عن ذكر الله ، فإنّ ذكر الله يبعث على اطمئنان الروح والتقوى والشهامة ، ونسيانه مبعث الاضطراب والخوف والقلق.
عند ما ينسى الإنسان مسئولياته بعد أن ينسى ذكر الله ، فإنّه سيغرق في خضمّ الشهوات والحرص والطمع ، ومن الوضوح بمكان أنّ نصيبه سيكون المعيشة الضنك ، فلا قناعة تملأ عينه ، ولا اهتمام بالمعنويات تغني روحه ، ولا أخلاق تمنعه أمام طغيان الشهوات.
وأساسا فانّ ضيق الحياة ينشأ في الغالب من النقائص المعنوية وانعدام الغنى الروحي ... ينشأ من عدم الاطمئنان إلى المستقبل ، والخوف من نفاد الإمكانيات الموجودة ، والعلاقة المفرطة بعالم المادّة ، بينما نجد أنّ الإنسان الذي يؤمن بالله ، وتعلّق قلبه بذاته المقدّسة ، يعيش بعيدا عن كلّ هذه الاضطرابات ، وفي مأمن منها.
إلى هنا كان الكلام عن الفرد ، وعند ما نأتي إلى المجتمعات التي أعرضت عن ذكر الله ، فإنّ المسألة ستكون أشدّ رعبا وخطرا ، فإنّ المجتمعات البشرية على رغم تقدّمها الصناعي المذهل ، وبالرغم من توفّر كلّ وسائل الحياة ، فهي تعيش في حالة اضطراب وقلق شديد ، ومبتلاة بضائقات عجيبة وترى نفسها سجينة.
فكلّ فرد يخاف من الآخرين ، ولا يعتمد أحد على الآخر ، والروابط والعلاقات تتمحور حول محور المصالح الشخصيّة ، وسبّاق التسلح ـ نتيجة الخوف من الحرب ـ يلتهم ويستهلك أغلب إمكانياتهم الاقتصادية.
السجون مليئة بالمجرمين ، وتقع في كلّ ساعة ودقيقة ـ وطبقا للإحصاءات الرسميّة ـ حوادث قتل وجرائم مرعبة ... التلوّث بالفحشاء ، والإدمان على المواد المخدّرة قد استعبد هؤلاء ، ولا يوجد في عوائلهم نسمة حبّ ، ولا ارتباط عاطفي