٢ ـ تأكيد المعاد بالاستناد إلى قدرة الله الشاملة
يستنتج من آيات القرآن أنّ معظم مخالفة المنكرين للمعاد يدور حول مسألة المعاد الجسماني ، ودهشتهم من عودة الروح والحياة ثانية إلى الإنسان بعد أن يصير ترابا ، من هنا عدّدت الآيات معالم قدرة الله في عالم الوجود ، وأكّدت خلقه لكلّ شيء من عدم ، ليؤمنوا بالحياة بعد الموت ، وتزول استحالتها من تصوّرهم.
وبحثت هذه الآيات هذه المسألة من خلال بيان قدرة الله على الأرض وسكّانها. وقدرته على السموات والعرش العظيم ، وقدرته على إدارة عالم الخلق والنشر ، وهذه السبل الثلاثة مصاديق لمفهوم واحد. ويحتمل أيضا أنّ كلا من هذه الأبحاث الثلاثة يشير إلى وجهة نظر المنكرين للمعاد ، فلو كان إنكاركم للمعاد يعود إلى أنّ العظام البالية قد خرجت من دائرة حكومة الله وملكيّته ، فهذا خطأ ، لأنّكم تعترفون أنّ الله تعالى هو مالك الأرض ومن عليها.
وإنّ كان إنكاركم لأنّ بعث الأموات يحتاج إلى إله مقتدر ، فأنتم تعترفون بأنّ الله ربّ السماوات والعرش.
وإن كان جحودكم أنّكم في شكّ من تدبير العالم بعد الحياة الجديدة وبعد بعث الأموات ، فهو أيضا في غير مورده ، لأنّكم قبلتم تدبيره واعترفتم بقدرته على إدارة عالم الوجود ، وجوار من لا جار له (أي كلّ الموجودات) حيث يتكفّل برعايتها وتدبير أمورها ، فعلى هذا لا مجال لإنكاركم أيضا. وإجابة الكفّار في الحالات الثلاث بشكل منسجم موحّد (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) تؤكّد التّفسير الأوّل.
٣ ـ اختلاف نهايات الآيات
والجدير بالاهتمام هو أنّه بعد السؤال الأوّل وإجابته جاءت عبارة : (أَفَلا تَذَكَّرُونَ).
وبعد السؤال الثّاني وإجابته جاءت عبارة (أَفَلا تَتَّقُونَ).