أنفسهم ، وكلّ ما تريدونه يجب أن تطلبوه من الله مباشرة ، وحتّى إذن شفاعة الشافعين.
٦ ـ ونتيجة لهذه المعرفة والوعي (وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) فهم لا يخشون من أن يكونوا قد أذنبوا ، بل يخافون من التقصير في العبادة أو ترك الأولى.
ومن بديع اللغة العربية ، أنّ «الخشية» من ناحية الأصل اللغوي لا تعني كلّ خوف ، بل الخوف المقترن بالتعظيم والاحترام.
وكلمة «مشفق» من مادّة الإشفاق ، بمعنى التوجّه الممتزج بالخوف ، لأنّها في الأصل مأخوذة من الشفق ، وهو الضياء الممتزج بالظلمة.
فبناء على هذا ، فإنّ خوف الملائكة ليس كخوف الإنسان من حادثة مرعبة مخيفة ، وكذلك إشفاقهم فإنّه لا يشبه خوف الإنسان من موجود خطر ، بل إنّ خوفهم وإشفاقهم ممزوجان بالاحترام ، والعناية والتوجّه ، والمعرفة والإحساس بالمسؤولية (١).
من الواضح أنّ الملائكة مع هذه الصفات البارزة والممتازة ، ومقام العبودية الخالصة لا يدّعون الالوهية مطلقا ، أمّا إذا فرضنا ذلك (وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ).
إنّ ادّعاء الالوهية في الحقيقة مصداق واضح على ظلم النفس والمجتمع ، ويندرج في القانون العامّ (كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ).
* * *
__________________
(١) مفردات الراغب مادّة خشية وشفق ، وتفسير الصافي ذيل الآيات مورد البحث.