مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ).
«الخردل» نبات له حبّة صغيرة جدّا يضرب المثل بها في الصغر والحقارة.
وجاء نظير هذا التعبير في موضع آخر من القرآن بتعبير (مِثْقالَ ذَرَّةٍ) (١).
وممّا يستحقّ الانتباه أنّه قد عبّر في ستّ مواضع من القرآن بـ (مِثْقالَ ذَرَّةٍ) وفي موضعين بـ (مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ). وفي الحقيقة فإنّ الآية آنفة الذكر مع التعابير الست المختلفة تأكيد على مسألة المحاسبة الدقيقة في يوم القيامة.
إنّ كلمة «موازين» ، وبصيغة الجمع ، وبعدها ذكر وصف «القسط» ، وبعده التأكيد على نفي الظلم (فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً) وبعد ذلك ذكر كلمة «شيئا» ثمّ التمثيل بحبّة الخردل ، وأخيرا جملة (وَكَفى بِنا حاسِبِينَ) كلّ هذه أدلّة على أنّ حساب يوم القيامة دقيق جدّا ، وخال من أي نوع من الظلم والجور.
أمّا ما المراد من الموازين؟
بعض المفسّرين ظنّوا أنّ هناك موازين كموازين هذه الدنيا تنصب ، ثمّ فرضوا بعد ذلك أنّ لأعمال الإنسان هناك وزنا وثقلا ليمكن وزنها بتلك الموازين.
إلّا أنّ الصحيح هو أنّ الميزان هنا يعني وسيلة قياس الوزن ، ومن المعلوم أنّ لكلّ شيء مقياس وزن متناسب معه ، كميزان الحرارة ، وميزان الهواء ، والموازين الاخرى الذي يتناسب كلّ منها مع الموضوع الذي يريدون قياسه بها.
ونقرأ في الرّوايات الإسلامية أنّ موازين الحساب في القيامة هم الأنبياء والأئمّة والصالحون الذين لا توجد نقطة سوداء في صحيفة أعمالهم (٢). فنقرأ : «السلام على ميزان الأعمال»! وتجد التوضيح والتفصيل بصورة أوسع حول هذا الموضوع ذيل الآية (٨) من سورة الأعراف.
إنّ ذكر الموازين بصيغة الجمع لعلّه إشارة إلى هذا المعنى أيضا ، لأنّ رجال
__________________
(١) الزلزال ، ٧.
(٢) بحار الأنوار ، ج ٧ ، ص ٢٥٢.