ولمّا كان ظاهر هذا التعبير لا يطابق الواقع في نظر المفسّرين ، ولمّا كان إبراهيم نبيّا معصوما ولا يكذب أبدا ، فقد ذكروا تفاسير مختلفة ، وأفضلها كما يبدو هو :
إنّ إبراهيم عليهالسلام قد نسب العمل إلى كبير الأصنام قطعا ، إلّا أنّ كلّ القرائن تشهد أنّه لم يكن جادّا في قصده ، بل كان يريد أن يزعزع عقائد الوثنين الخرافية الواهية ، ويفنّدها أمامهم ، ويفهم هؤلاء أنّ هذه الأحجار والأخشاب التي لا حياة فيها ذليلة وعاجزة إلى الحدّ الذي لا تستطيع أن تتكلّم بجملة واحدة تستنجد بعبّادها ، فكيف يريدون منها أن تحلّ معضلاتهم؟!
ونظير هذا التعبير كثير في محادثاتنا اليوميّة ، فنحن إذا أردنا إبطال أقوال الطرف المقابل نضع أمامه مسلّماته على هيئة الأمر أو الإخبار أو الاستفهام ، وهذا ليس كذبا أبدا ، بل الكذب هو القول الذي لا يمتلك القرينة معه.
وفي رواية عن الإمام الصادق عليهالسلام في كتاب الكافي : «إنّما قال : بل فعله كبيرهم ، إرادة الإصلاح ، ودلالة على أنّهم لا يفعلون» ثمّ قال : «والله ما فعلوه وما كذّب».
واحتمل جمع من المفسّرين أنّ إبراهيم قد أدّى هذا المطلب بشكل جملة شرطيّة وقال : إنّ الأصنام إذا كانت تتكلّم فإنّها قد فعلت هذا الفعل ، ومن المسلّم أنّ هذا التعبير لم يكن خلاف الواقع ، لأنّ الأصنام لم تكن تتكلّم ، ولم تكن قد أقدمت على مثل هذا العمل ، ولم يصدر منها ، ووردت رواية في مضمون هذا التّفسير أيضا.
إلّا أنّ التّفسير الأوّل يبدو هو الأقرب ، لأنّ الجملة الشرطيّة «إن كانوا ينطقون» جواب الطلب في «فاسألوهم» ، وليست شرطا لجملة «بل فعله كبيرهم».
(فلاحظوا بدقّة).
واللطيفة الاخرى التي ينبغي الالتفات إليها هي : إنّ العبارة هي أنّه يجب أن