عليه وألقوه في تلك النّار المترامية الأطراف بحركة سريعة (١).
ونقرأ في الرّوايات المنقولة عن طرق الشّيعة والسنّة أنّهم عند ما وضعوا إبراهيم على المنجنيق ، وأرادوا أن يلقوه في النّار ، ضجّت السّماء والأرض والملائكة ، وسألت الله سبحانه أن يحفظ هذا الموحد البطل وزعيم الرجال الأحرار.
ونقلوا أيضا أنّ جبرئيل جاء للقاء إبراهيم ، وقال له : ألك حاجة؟ فأجابه إبراهيم بعبارة موجزة : «أمّا إليك فلا» إنّي أحتاج إلى من هو غني عن الجميع ، ورؤوف بالجميع.
وهنا اقترح عليه جبرئيل فقال : فاسأل ربّك ، فأجابه : «حسبي من سؤالي علمه بحالي» (٢).
وفي حديث عن الإمام الباقر عليهالسلام : إنّ إبراهيم ناجى ربّه في تلك الساعة : «يا أحد يا أحد ، يا صمد يا صمد ، يا من لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، توكّلت على الله» (٣).
كما ورد هذا الدعاء بعبارات مختلفة وفي العديد من المصادر الأخرى.
وعلى كلّ حال ، فقد القي إبراهيم في النّار وسط زعاريد الناس وسرورهم وصراخهم ، وقد أطلقوا أصوات الفرح ظانّين أنّ محطّم الأصنام قد فني إلى الأبد وأصبح ترابا ورمادا.
لكنّ الله الذي بيده كلّ شيء حتّى النّار لا تحرق إلّا بإذنه ، شاء أن يبقى هذا العبد المؤمن المخلص سالما من لهب تلك النّار الموقدة ليضيف وثيقة فخر جديدة
__________________
(١) مجمع البيان ، وتفسير الميزان ، وتفسير الفخر الرازي ، وتفسير القرطبي ، في ذيل الآيات مورد البحث. وكذلك الكامل لابن الأثير المجلّد الأوّل ص ٩٨.
(٢) روضة الكافي ، طبقا لنقل الميزان ، ج ١٤ ، ص ٣٣٦.
(٣) تفسير الفخر الرّازي ذيل الآية.