والاستهزاء والأذى.
وتضيف الآية التالية : (وَنَصَرْناهُ) (١) (مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ) إنّ هذه الجملة تؤكّد مرّة أخرى على حقيقة أنّ العقوبات الإلهيّة لا تتّصف بصفة الانتقام مطلقا ، بل هي على أساس انتخاب الأصلح ، أي إنّ حقّ الحياة والتنعّم بمواهب الحياة لأناس يكونون في طريق التكامل والسير إلى الله ، أو انّهم إذا ساروا يوما في طريق الانحراف انتبهوا إلى أنفسهم ورجعوا إلى جادة الصواب. أمّا أولئك الفاسدون الذين لا أمل مطلقا في صلاحهم في المستقبل ، فلا مصير ولا جزاء لهم إلّا الموت والفناء.
* * *
ملاحظة
الجدير بالذكر أنّ هذه السورة ذكرت آنفا قصة «إبراهيم» و «لوط» وكذلك سوف تذكر قصتي «أيّوب» و «يونس» ، وقد ذكرت آنفا قصّة نوح عليهالسلام وفي جميعها تذكر مسألة نجاتهم وخلاصهم من الشدائد والمحن والأعداء.
وكأنّ منهج هذه السورة بيان منتهى رعاية الله وحمايته لأنبيائه وإنقاذهم من الكروب ، ليكون ذلك تسلية للرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأملا للمؤمنين ، وبملاحظة أنّ هذه السورة مكّية ، وأنّ المسلمين كانوا حينئذ في شدّة وكرب فستتجلّى أهميّة هذا الموضوع أكثر ...
* * *
__________________
(١) إن فعل (نصر) يعدّى عادة بـ (على) إلى مفعول ثان ، فيقال مثلا : اللهم انصرنا عليهم. أمّا هنا فقد استعملت كلمة (من) ، وربّما كان ذلك من أجل أنّ المراد النصرة المقترنة بالنجاة ، لأنّ مادّة النجاة تتعدّى بـ (من).