وإيجار البيوت في مكّة المكرمة ، ويتّخذون الآية السابقة دليلا على ما يرون.
كما ذكرت الأحاديث الإسلامية عدم جواز الحيلولة دون سكنى حجّاج بيت الله الحرام في منازل مكّة ، حتّى حرّمه قوم ، ورآه آخرون مكروها.
جاء في رسالة بعث بها الإمام علي عليهالسلام إلى قثم بن العبّاس والي مكّة آنذاك : «وأمر أهل مكّة أن لا يأخذوا من ساكن أجرا ، فإنّ الله سبحانه يقول : (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) فالعاكف المقيم به ، والبادي الذي يحجّ إليه من غير أهله» (١).
وجاء في حديث آخر عن الإمام الصادق عليهالسلام في تفسير هذه الآية : كانت مكّة ليست على شيء منها باب ، وكان أوّل من علّق على بابه المصراعين ، معاوية بن أبي سفيان ، وليس ينبغي لأحد أن يمنع الحاج شيئا من الدور ومنازلها».
وذكرت أحاديث أنّ الحجّاج بيت الله الحقّ في استخدام البيوت المحيطة بالكعبة ، ويرتبط هذا الحكم بشكل كبير ببحثنا المقبل ، وهو : هل يقصد بالمسجد الحرام في هذه الآية المسجد ذاته أو يشمل مكّة كلّها؟
فإذا سلّمنا بالرأي الأوّل فإنّ الآية السابقة لا تشمل منازل مكّة ، وعلى فرض شمولها فإنّ قضيّة حرمة بيع وشراء وإيجار منازل مكّة بالنسبة للحجّاج تكون مطروحة للبحث ، إلّا أنّ هذه القضيّة ليست مؤكّدة في المصادر الفقهيّة والأحاديث والتفاسير ، فإنّ الحكم بحرمتها أمر صعب. وما أجدر أهل مكّة بأن يقدّموا جميع التسهيلات الممكنة لحجّاج بيت الله الحرام! وألّا يضعوا لأنفسهم امتيازات على الحجّاج حتّى بالنسبة لمنازلهم ، ويبدو أنّ الأحاديث التي وردت في نهج البلاغة وغيره تشير إلى هذه المسألة.
والقول بالتحريم لا يحظى بتأييد واسع من فقهاء الشيعة والسنّة (للاطّلاع أوسع بهذا الصدد يراجع المجلّد العشرين من جواهر الكلام الصفحة الثامنة
__________________
(١) نهج البلاغة ، الرسالة السابعة والستّين.