خلافا لما يراه البعض ، فإنّ مؤتمر الحجّ العظيم يمكن أن يستفاد منه في تقوية أسس الإقتصاد في البلدان الإسلامية. بل إنّه وفق أحاديث إسلامية معتبرة يشكّل البعد الاقتصادي جزءا مهمّا من فلسفة الحجّ.
فما المانع من وضع أسس سوق مشتركة إسلامية خلال اجتماع الحجّ العظيم ، ليوسّع المسلمون مجال التبادل التجاري فيما بينهم بشكل تعود منافعهم إليهم لا إلى أعدائهم. ومن أجل تحرير اقتصادهم من التبعية الأجنبية ، وهذا العمل عبادة وجهاد في سبيل الله ، ولا يمكن أن يكون حبّا للدنيا وطمعا فيها.
ولذا أشار الإمام الصادق عليهالسلام في الحديث السابق خلال شرحه فلسفة الحجّ ، إلى هذا الموضوع بصراحة باعتبار أنّ أحد أهداف الحجّ ، تقوية العلاقات التجارية بين المسلمين.
وجاء في حديث آخر للإمام الصادق عليهالسلام في تفسير الآية (١٩٨) من سورة البقرة (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ). قال عليهالسلام : «فإذا أحلّ الرجل من إحرامه وقضى فليشتر وليبيع في الموسم» (١).
وكما يبدو فإنّ هذا العمل لا إشكال فيه ، بل فيه ثواب وأجر.
وبهذا المعنى جاء في نهاية حديث عن الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام لبيان فلسفة الحجّ بشكل مسهب : (ليشهدوا منافع لهم) (٢) إشارة إلى المنافع المعنوية والماديّة. والأخيرة على رأي بعضهم معنوية أيضا.
فالحجّ باختصار عبادة عظيمة لو أستفيد منها بشكل صحيح في تشكيل مؤتمرات متعدّدة سياسيّة وثقافية واقتصادية ، لحلّ مشاكل العالم الإسلامي ، ومفتاحا لحلّ معضلات المسلمين ، وقد يكون هو المراد من حديث الإمام الصادق
__________________
(١) تفسير العياشي ، حسبما جاء في تفسير الميزان ، المجلّد الثّاني ، ص ٨٦.
(٢) بحار الأنوار ، ج ٩٩ ، ص ٣٢.