في اللغة العربية ، إلّا أنّ الراغب الاصفهاني نقل كلام بدويّ قاله بحقّ أحد الأشخاص القذرين : «ما أتفثك وأدرنك» دليلا على عربية هذه الكلمة ووجود اشتقاق لها في اللغة العربية.
وقد فسّرت (لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) في الأحاديث الإسلامية بتقليم الأظافر وتطهير البدن ونزع الإحرام. وبتعبير آخر : تشير هذه العبارة إلى برنامج «التقصير» الذي يعدّ من مناسك الحجّ. وجاء في أحاديث إسلامية أخرى بمعنى حلاقة الرأس التي تعتبر أحد أساليب «التقصير».
كما جاء في «كنز العرفان» حديث رواه ابن عبّاس في تفسير هذه الآية : «القصد إنجاز مشاعر الحجّ كلّها» (١) إلّا أنّه لا سند لدينا لحديث ابن عبّاس هذا.
والذي يلفت النظر في حديث عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه فسّر عبارة (لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) بلقاء الإمام ، وعند ما سأله الراوي عبد الله بن سنان عن توضيح لهذه المسألة قال: «إنّ للقرآن ظاهرا وباطنا» (٢).
وهذا الحديث ربّما كان إشارة إلى ملاحظة تستحقّ الاهتمام. وهي أنّ حجّاج بيت الله الحرام يتطهّرون عقب مناسك الحجّ ليزيلوا الأوساخ عن أبدانهم ، فعليهم أن يطهّروا أرواحهم أيضا بلقاء الإمام عليهالسلام ، خاصّة وأنّ الخلفاء الجبابرة كانوا يمنعون لقاء المسلمين لإمامهم في الظروف العادية. لهذا تكون أيّام الحجّ خير فرصة للقاء الإمام ، وبهذا المعنى نقرأ حديثا للإمام الباقر عليهالسلام قال فيه : «تمام الحجّ لقاء الإمام» (٣).
وكلاهما ـ في الحقيقة ـ تطهير ، أحدهما تطهير لظاهر البدن من القذارة والأوساخ ، والآخر تطهير باطني من الجهل والمفاسد الأخلاقية.
__________________
(١) كنز العرفان ، المجلّد الأوّل ، ص ٢٧٠.
(٢) نور الثقلين ، المجلّد الثّالث ، صفحة ٤٩٢.
(٣) وسائل الشيعة المجلّد ، العاشر ، الصفحة ٢٥٥ (أبواب المزار الباب الثّاني الحديث الثّاني عشر).