المبارك : «التقوى هاهنا» (١).
ويستدلّ من بعض الأحاديث أنّ مجموعة من المسلمين كانوا يعتقدون بعدم جواز الركوب على الأضحية (الناقة أو ما شابهها) حين جلبها من موطنهم إلى منى للذبح ، كما يرون عدم جواز حلبها أو الاستفادة منها بأي شكل كان ، ولكن القرآن نفي هذه العقيدة الخرافية حيث قال : (لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى).
وجاء في حديث نبوي أنّ الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم مرّ برجل يسوق بدنة وهو في جهد ، فقال عليهالسلام : «اركبها» فقال : يا رسول الله إنّها هدي. فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم «اركبها ويلك» (٢).
كما أكّدت أحاديث عديدة وردتنا عن أهل البيت عليهمالسلام هذا الموضوع ومنها
حديث رواه أبو بصير عن الإمام الصادق عليهالسلام في قوله عزوجل : (لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) قال : «إن احتاج إلى ظهرها ركبها من غير عنف عليها ، وإن كان لها لبن حلبها حلابا لا ينهكها» (٣).
والحقيقة أنّ الحكم أعلاه معتدل وحدّ وسط بين عملين يتّصفان بالإفراط وبعيدين عن المنطق.
فمن جهة كان البعض لا يحتفظ بالأضاحي أبدا حيث يذبحها قبل الوصول إلى «منى» ويستفيد من لحومها. وقد نهى القرآن عن ذلك كما جاء في الآية الثّانية من سورة البقرة (لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ).
ومن جهة أخرى كان آخرون يفرطون إلى درجة عدم الاستفادة من الانعام بمجرّد تخصيصها للأضحية ، فلا يحلبونها ولا يركبون عليها إن كانت ممّا يركب وإن بعدت المسافة بين موطنهم ومكّة ، وقد أجازت الآية موضع البحث ذلك.
__________________
(١) تفسير القرطبي ، المجلّد السابع ، الصفحة ٤٤٨.
(٢) التّفسير الكبير للخفر الرازي ، المجلّد الثّالث والعشرين ، الصفحة ٣٣.
(٣) نور الثقلين ، المجلّد الرّابع ، الصفحة ٤٩٧.