ثمّ تشير الآية ثانية إلى نعمة تسخير الحيوان قائلة : (كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ).
إنّ الهدف الأخير هو التعرّف على عظمة الخالق جلّ وعلا الذي هداكم بمنهجه التشريعي والتكويني إلى تعلّم مناسك الحجّ والتعاليم الخاصّة بطاعته والتعبّد له ، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى جعل هذه الحيوانات الضخمة القويّة طيّعة لكم تقدّمونها أضاحي استجابة لله تعالى ، وتعملون عملا طيّبا يساعد المحتاجين ، وتستفيدون من لحومها في تأمين حياتكم. لهذا تقول الآية في الختام : (وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) أولئك الذين استفادوا من هذه النعم الإلهيّة في طاعة الله ، وأنجزوا واجباتهم على خير وجه ، ولم يقصّروا في الإنفاق في سبيل الله أبدا. وفاعلو الخير هؤلاء لم يحسنوا للآخرين فقط ، بل شمل إحسانهم أنفسهم على أفضل وجه أيضا.
وقد تؤدّي مقاومة خرافات المشركين التي أشارت إليها الآيات السابقة إلى إثارة غضب المتعصّبين المعاندين ، ووقوع اشتباكات محدودة أو واسعة ، لهذا طمأن الله سبحانه وتعالى المؤمنين بنصره (إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا).
لتتّحد قبائل عرب الجاهلية مع اليهود والنصارى والمشركين في شبه الجزيرة العربية للضغط على المؤمنين كما يحلو لهم ، فلن يتمكّنوا من بلوغ ما يطمحون إليه ، لأنّ الله وعد المؤمنين بالدفاع عنهم وعدا تجلّى صدقه في دوام الإسلام حتّى يوم القيامة ، ولا يختّص الدفاع الإلهي عن المؤمنين في الصدر الأوّل للإسلام وحسب ، بل هو ساري المفعول أبد الدهر ، فإن كنّا على نهج الذين آمنوا. فالدفاع الإلهي عنّا أكيد. ومن ذا الذي لا يلتمس دفاع الله سبحانه عن عباده الصالحين؟
وفي الختام توضّح هذه الآية موقف المشركين وأتباعهم بين يدي الله بهذه