وقد أورد المفسّرون معاني متفاوتة لـ «الصوامع» و «البيع» و «الصلوات» و «المساجد» والفرق بينها ، وما يبدو صحيحا منها هو أنّ :
«الصوامع» جمع «صومعة» وهي عادة مكان خارج المدينة بعيد عن أعين الناس مخصّص لمن ترك الدنيا من الزّهاد والعبّاد. (ويجب ملاحظة أنّ «الصومعة» في الأصل تعني البناء المربّع المسقوف ، ويبدو أنّها تطلق على المآذن المربّعة القواعد المخصّصة للرهبان.
و «البيع» جمع بيعة بمعنى معبد النصارى ، ويطلق عليها كنيسة أيضا.
و «الصلوات» جمع صلاة ، بمعنى معبد اليهود ، ويرى البعض أنّها معرّبة لكلمة «صلوتا» العبرية ، التي تعني المكان المخصّص بالصلاة.
وأمّا «المساجد» فجمع مسجد ، وهو موضع عبادة المسلمين.
والصوامع والبيع رغم أنّها تخصّ النصارى ، إلّا أنّ إحداهما معبد عامّ والاخرى لمن ترك الدنيا ، ويرى البعض أنّ «البيع» لفظ مشترك يطلق على معابد اليهود والمسيحيين.
وعبارة (يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً) وصف خاص بمساجد المسلمين حسب الظاهر ، لأنّها أكثر ازدحاما من جميع مراكز العبادة الاخرى في العالم ، حيث تجرى فيها الصلوات الخمس في أيّام السنة كلّها ، في وقت نجد فيه المعابد الاخرى لا تفتح أبوابها للمصلّين إلّا في يوم واحد من الأسبوع ، أو أيّام معدودات في السنة.
وفي الختام أكّدت هذه الآية ثانية وعد الله بالنصر (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ) ولا شكّ في إنجاز هذا الوعد ، لأنّه من ربّ العزّة القائل : (إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ). من أجل ألّا يتصوّر المدافعون عن خطّ التوحيد أنّهم ووحيدون في ساحة قتال الحقّ للباطل ، ومواجهة جموع كثيرة من الأعداء الأقوياء.
وبنور من هذا الوعد الإلهي انتصر المدافعون عن سبيل الله على أعدائهم في