إلّا أنّها أضحت خرائب بعد أن هلك أصحابها ، والنتيجة إنّهم تركوا مساكنهم وقصورهم المجلّلة ، وأهملوا مياههم وعيونهم التي كانت مصدر حياتهم وعمران أراضيهم وذهبوا. وكذلك الآبار الغنيّة بالماء أصبحت معطّلة لا ماء فيها.
* * *
ملاحظة
ممّا يلفت النظر التّفسير الذي ورد عن أهل البيت عليهمالسلام حيث فسّروا (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ) بالعلماء الذين لا يستفيد منهم المجتمع ، فبقيت علومهم معطّلة.
فقد روي عن الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام في تفسير عبارة (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) قوله :«البئر المعطّلة الإمام الصامت ، والقصر المشيد الإمام الناطق» وبهذا المعنى روي أيضا عن الإمام الصادق عليهالسلام (١).
وهذا التّفسير نوع من التشبيه (مثلما يشبه المهدي (عج) ناشر العدل في العالم بالماء المعيّن) أي إنّ الإمام عند ما يستقرّ في دست الحكم يكون كالقصر المشيد ، يجلب انتباه الداني والبعيد ويكون ملجأ للجميع. وإذا أبعد عن الحكم وتخلّى الناس عنه ، احتلّ مكانه من لا يستحقّه فيكون عندها كبئر امتلأت ماء ، إلّا أنّها معطّلة لا يستفاد منها فلا تروي عطشانا ولا تسقي زرعا.
ما أحسن ما أنشد الشاعر العربي :
بئر معطّلة وقصر مشرف |
|
مثل لآل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم مستطرف |
فالقصر مجدهم الذي لا يرتقى |
|
والبئر علمهم الذي لا ينزف (٢) |
* * *
__________________
(١) تفسير البرهان ، المجلّد الثّالث ، صفحة ـ ٣٠.
(٢) المصدر السابق.