باطلة أو كلام تافه ، بل هم معرضون عنها ، كما قال القرآن الكريم.
وتشير الآية الثّالثة إلى ثالث صفة من صفات المؤمنين الحقيقيين ، وهي ذات جانب اجتماعي ومالي حيث تقول : (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ) (١).
ربّما تكون السورة مكّية ، كما قلنا سابقا ، نزلت في وقت لم تشرّع فيه الزكاة بعد بمعناها المعروف ، لذلك نجد اختلافا بين المفسّرين في تفسير هذه الآية ، ولكن الذي يبدو أصوب هو أنّ الزكاة لا تنحصر بالزكاة الواجبة الأداء ، وإنّما هناك أنواع كثيرة منها مستحبّة ، فالزكاة الواجبة شرعت في المدينة ، إلّا أنّ الزكاة المستحبّة كانت موجودة قبل هذا.
وذهب مفسّرون آخرون إلى احتمال أن تكون الزكاة واجبة كحكم شرعي في مكّة لكن دون تحديد ، حيث كان الواجب على كلّ مسلم مساعدة المحتاجين بما يتمكّن ، إلّا أنّه أصبح للزكاة أسلوبها الخاص عقب تشكيل الحكم الإسلامي وتأسيس بيت مال المسلمين ، حيث تحدّدت أنصبتها من كلّ محصول ومال.
وأصبح لها جباة يجبونها من المسلمين بأمر من الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
أمّا ما يراه بعض المفسّرين أمثال الفخر الرازي والآلوسي في «روح المعاني» والراغب الاصفهاني في مفرداته من أنّ الزكاة هنا تعني عمل الخير أو تزكية المال أو تطهير الروح ، فبعيد ، لأنّ القرآن المجيد كلّما ذكر الصلاة مع الزكاة يقصد بالزكاة الإنفاق المالي ، ولو فسّرناه بغير هذا ، فذلك يحتاج إلى قرينة واضحة لا توجد في هذه الآيات.
ورابع صفة من صفات المؤمنين هي الطهارة والعفّة بشكل تامّ ، واجتناب أي معصية جنسية ، حيث تقول الآية : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ) (٢) يحفظونها
__________________
(١) الزكاة تعني هنا أنّ لها مصدرا ، ولهذا استعملت عبارة «فاعلون» بعدها. وقال مفسّرون آخرون : إنّه يمكن أن تعني الزكاة ذلك المعنى المعروف عنها ، أي مقدار من المال ، ولهذا تكون (فاعلون) بمعنى مؤدّون.
(٢) «الفروج» جمع فرج ، وهو كناية عن الجهاز التناسلي.