لموسى بن عمران (الآيات التسع). وتقصد عبارة «سلطان مبين» المنطق القوي والبرهان الدافع لموسى عليهالسلام أمام الفراعنة.
٢ ـ التّفسير الثّاني أنّ «الآيات» تعني جميع معاجز موسى عليهالسلام ، ويقصد بعبارة (سُلْطانٍ مُبِينٍ) بعض معاجز موسى المهمّة كعصاه واليد البيضاء ، لأنّ لهما خصائص ساعدت موسى على الإنتصار على الفراعنة.
٣ ـ واحتمل البعض أنّ كلمة «الآيات» أشارت إلى آيات «التوراة» ، وبيان التعاليم وما شاكل ذلك ، وعبارة «سلطان مبين» إشارة إلى معجزات موسى عليهالسلام.
إلّا أنّه لو لا حظنا استعمالات عبارة «سلطان مبين» في القرآن المجيد لوجدنا التّفسير الأوّل أقرب إلى الصواب ، لأنّ كلمة «سلطان» أو «سلطان مبين» وردت في القرآن بمعنى الدليل والمنطق الواضح (١).
أجل بعثنا موسى وأخاه هارون بهذه الآيات وسلطان مبين (إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ). لماذا تتحدّث الآية فقط عن الملأ (المجتمع المترف المعاند أو ما يسمّى بطبقة الأشراف). ولم تقل أنّ رسالتهما إلى شعب مصر كلّه.
لعلّ ذلك إشارة إلى أنّ الفراعنة هم أساس الفساد ، وإن صلحوا فالباقون أمرهم سهل. إضافة إلى كونهم قادة البلد ، ولا يصلح أي بلد إلّا بصلاح قادته. إلّا أنّهم (فَاسْتَكْبَرُوا) لأنّهم لم يرضوا لآيات الحقّ والسلطان المبين والفراعنة كانوا ـ أساسا ـ مستكبرين طاغين ، كما تقول الآية (وَكانُوا قَوْماً عالِينَ). والفرق بين العبارتين (فَاسْتَكْبَرُوا) و (كانُوا قَوْماً عالِينَ) أنّ العبارة الأولى قد تكون إشارة إلى استكبارهم عن دعوة موسى عليهالسلام ، والعبارة الثّانية تشير إلى أنّ الاستكبار يشكل دوما برنامجهم وبناءهم الفكري والروحي.
ويحتمل أيضا أن تكون العبارة الأولى إشارة إلى تكبّر الفراعنة ، والثّانية إلى أنّهم كانوا يتمتّعون بقدرة متعالية وحياة متميّزة. وهذا سبب استكبارهم.
__________________
(١) نقرأ في سورة النمل الآية (٢١) : (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) وفي الآية (٢٣) من سورة النجم نقرأ (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ).