وهذا الانغمار في الجهل لا يسمح بمعرفة هذه الحقائق ، ويمنع الضالّين من العودة إلى أنفسهم وإلى الله تعالى.
وتضيف هذه الآية (وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ) ، وقد أورد المفسّرون تفاسير لقوله سبحانه : (وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ) فبعضهم قال : إنّها تعني الأعمال السيّئة التي يقترفها الناس عن جهالة (فعلى هذا تكون «ذلك» إشارة إلى جهلهم) ، والأعمال هي الذنوب التي يرتكبها الإنسان عن غير علم ووعي وقال آخرون : إنّ المراد هو أنّهم إضافة إلى كفرهم ارتكبوا أنواعا من الأعمال السيّئة.
واحتمل آخرون اختلاف برنامج الكفرة عن برنامج المؤمنين اختلافا كبيرا.
ونحن نرى عدم اختلاف هذه التفاسير فيما بينها في نهاية الأمر ، ويمكن الجمع بينها ، المهمّ هو الانتباه إلى أنّ مصدر الأعمال الشريرة يكمن في انغمار القلوب في الجهالة.
ولكن هؤلاء المترفين يبقون في هذه الغفلة ما داموا في نعيمهم ، فإذا جاءهم العذاب فهم يصرخون كالوحوش من شدّة العذاب الإلهي ، كما تقول الآية : (حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ).
فيخاطبون (لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ).
أمّا لماذا ورد ذكر «المترفين» هنا فحسب مع أنّ المذنبين لا يختصّون بهم؟
السبب هو إمّا لكونهم قادة للضالّين ، أو لأنّ عذابهم شديد جدّا.
ثمّ إنّ هذا العذاب يحتمل أن يكون دنيويّا أو اخرويّا أو كليهما. حيث يصيبهم العذاب في هذه الدنيا أو في الآخرة فيرتفع صراخهم ، ويستغيثون فلا يغاثون.
وتكشف الآية التالية عن سبب هذا المصير المشؤوم (قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى
__________________
الآيات السابقة إليها.